مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{إِنَّ هَـٰٓؤُلَآءِ يُحِبُّونَ ٱلۡعَاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَرَآءَهُمۡ يَوۡمٗا ثَقِيلٗا} (27)

واعلم أنه تعالى لما خاطب رسوله بالتعظيم والنهي والأمر عدل إلى شرح أحوال الكفار والمتمردين ، فقال تعالى : { إن هؤلاء يحبون العاجلة ويذرون وراءهم يوما ثقيلا } والمراد أن الذي حمل هؤلاء الكفار على الكفر ، وترك الالتفات والإعراض عما ينفعهم في الآخرة ليس هو الشبهة حتى ينتفعوا بالدلائل المذكورة في أول هذه السورة ، بل الشهوة والمحبة لهذه اللذات العاجلة والراحات الدينية ، وفي الآية سؤالان :

السؤال الأول : لم قال : وراءهم ولم يقل : قدامهم ؟ ( الجواب ) : من وجوه ( أحدها ) : لما لم يلتفتوا إليه ، وأعرضوا عنه فكأنهم جعلوه وراء ظهورهم ( وثانيها ) : المراد ويذرون وراءهم مصالح يوم ثقيل فأسقط المضاف ( وثالثها ) : أن تستعمل بمعنى قدام كقوله : { من ورائه جهنم } وكان وراءهم ملك } .

السؤال الثاني : ما السبب في وصف يوم القيامة بأنه يوم ثقيل ؟ ( الجواب ) : استعير الثقل لشدته وهوله ، من الشيء الثقيل الذي يتعب حامله ونحوه { ثقلت في السماوات والأرض } .