وقوله : { إِنَّ هَؤُلاء } يعني كُفَّارَ قريشٍ { يُحِبُّونَ العاجلة } يعني : الدنيا ، واعلمْ أَنَّ حُبَّ الدنيا رأسُ كل خطيئة ، وفي الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم : " ازْهَدْ في الدُّنْيَا يُحِبَّكَ اللَّهُ ، وازهد فِيمَا عِنْدَ النَّاسِ يُحِبَّكَ النَّاسُ " ، رواه ابن ماجه وغيره بأسانيدَ حَسَنَةٍ ، قال ابن الفاكهانيِّ : قال القاضي أبو الوليد ابن رشد : وأَمَّا الباعث على الزهد فخمسة أشياء :
أحدها : أنَّها فانية شاغلة للقلوب عن التفكر في أمر اللَّه تعالى .
والثاني : أَنَّها تنقص عند اللَّه درجات من ركن إليها .
والثالث : أَنَّ تركها قربة من اللَّه تعالى وعلُوُّ مرتبة عنده في درجات الآخرة .
والرابع : طول الحبس والوقوف في القيامة للحساب والسؤال عن شكر النعيم .
والخامس : رضوان اللَّه تعالى والأمن من سخطه ، وهو أكبرها ؛ قال اللَّه عز وجل : { ورضوان مِّنَ الله أَكْبَرُ } [ التوبة : 72 ] قال ابن الفاكهاني : ولو لم يكن في الزهد في الدنيا إلاَّ هذه الخصلة التي هي رضوانُ اللَّه تعالى لكان ذلك كافياً ، فنعوذ باللَّه من إيثار الدنيا على ذلك ، وقد قيل : من سُمِّيَ باسم الزهد فقد سُمِّيَ بألف اسم ممدوح ، هذا مع ما للزاهدين من راحة القلب والبدن في الدنيا والآخرة ، فالزُّهَّادُ هم الملوك في الحقيقة ، وهم العقلاء ؛ لإيثارهم الباقي على الفاني ، وقد قال الشافعية : لو أوصى لأعْقَل الناس صُرِفَ إلى الزهاد ، انتهى من «شرح الأربعين حديثاً » ، ولفظ أبي الحسن الماوردِيِّ : وقد قيل : العاقل مَنْ عقل من اللَّه أمره ونهيه حتَّى قال أصحاب الشافعيِّ فيمن أوصى بثلث ماله : لأَعْقَلِ الناس أَنَّه يكون مصروفاً للزُّهَّادِ ؛ لأنهم انقادوا للعقل ، ولم يغتروا بالأمل ، انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.