مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَأَرَىٰهُ ٱلۡأٓيَةَ ٱلۡكُبۡرَىٰ} (20)

قوله تعالى : { فأراه الآية الكبرى } وفيه مسألتان :

المسألة الأولى : الفاء في { فأراه } معطوف على محذوف معلوم ، يعني فذهب فأراه ، كقوله : { فقلنا اضرب بعصاك الحجر فانفجرت } أي فضرب فانفجرت .

المسألة الثانية : اختلفوا في الآية الكبرى على ثلاثة أقوال ، ( الأول ) : قال مقاتل والكلبي : هي اليد ، لقوله في طه : { وأدخل يدك في جيبك تخرج بيضاء من غير سوء آية أخرى } { لنريك من آياتنا الكبرى } ( القول الثاني ) قال عطاء : هي العصا ، لأنه ليس في اليد إلا انقلاب لونه إلى لون آخر ، وهذا المعنى كان حاصلا في العصا ، لأنها لما انقلبت حية فلابد وأن يكون قد تغير اللون الأول ، فإذا كل ما في اليد فهو حاصل في العصا ، ثم حصل في العصا أمور أخرى أزيد من ذلك ، منها حصول الحياة في الجرم الجمادي ، ومنها تزايد أجزائه وأجسامه ، ومنها حصول القدرة الكبيرة والقوة الشديدة ، ومنها أنها كانت ابتلعت أشياء كثيرة وكأنها فنيت ، ومنها زوال الحياة والقدرة عنها ، وفناء تلك الأجزاء التي حصل عظمها ، وزوال ذلك اللون والشكل اللذين بهما صارت العصا حية ، وكل واحد من هذه الوجوه كان معجزا مستقلا في نفسه ، فعلمنا أن الآية الكبرى هي العصا ( القول الثالث ) في هذه المسألة قول مجاهد : وهو أن المراد من الآية الكبرى مجموع اليد والعصا ، وذلك لأن سائر الآيات دلت على أن أول ما أظهر موسى عليه السلام لفرعون هو العصا ، ثم أتبعه باليد ، فوجب أن يكون المراد من الآية الكبرى مجموعهما .

أحدها : قوله تعالى : { فكذب وعصى }