مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَبُرِّزَتِ ٱلۡجَحِيمُ لِمَن يَرَىٰ} (36)

الصفة الثانية : قوله تعالى : { وبرزت الجحيم لمن يرى } وفيه مسألتان :

المسألة الأولى : قوله تعالى : { لمن يرى } أي أنها تظهر إظهارا مكشوفا لكل ناظر ذي بصر ثم فيه وجهان ( أحدهما ) : أنه استعارة في كونه منكشفا ظاهرا كقولهم : تبين الصبح لذي عينين .

وعلى هذا التأويل لا يجب أن يراه كل أحد ( والثاني ) : أن يكون المراد أنها برزت ليراها كل من له عين وبصر ، وهذا يفيد أن كل الناس يرونها من المؤمنين والكفار ، إلا أنها مكان الكفار ومأواهم والمؤمنون يمرون عليها ، وهذا التأويل متأكد بقوله تعالى : { وإن منكم إلا واردها } إلى قوله : { ثم ننجي الذين اتقوا } فإن قيل : إنه تعالى قال في سورة الشعراء : { وأزلفت الجنة للمتقين وبرزت الجحيم للغاوين } فخص الغاوين بتبريرها لهم ، قلنا : إنها برزت للغاوين ، والمؤمنون يرونها أيضا في الممر ، ولا منافاة بين الأمرين .

المسألة الثانية : قرأ أبو نهيك { وبرزت } وقرأ ابن مسعود : لمن رأى ، وقرأ عكرمة : لمن ترى ، والضمير للجحيم ، كقوله : { إذا رأتهم من مكان بعيد } وقيل : لمن ترى يا محمد من الكفار الذين يؤذونك .

واعلم أنه تعالى لما وصف حال القيامة في الجملة قسم المكلفين قسمين : الأشقياء والسعداء ، فذكر حال الأشقياء .