مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{فَإِذَا جَآءَتِ ٱلطَّآمَّةُ ٱلۡكُبۡرَىٰ} (34)

قوله تعالى : { فإذا جاءت الطامة الكبرى } وفيه مسألتان :

المسألة الأولى : الطامة عند العرب الداهية التي لا تستطاع وفي اشتقاقها وجوه ، قال المبرد : أخذت فيما أحسب من قولهم : طم الفرس طميما ، إذا استفرغ جهده في الجري ، وطم الماء إذا ملأ النهر كله ، وقال الليث : الطم طم البئر بالتراب ، وهو الكبس ، ويقال : طم السيل الركية إذا دفنها حتى يسويها ، ويقال للشيء الذي يكبر حتى يعلو قد طم ، والطامة الحادثة التي تطم على ما سواها ومن ثم قيل : فوق كل طامة طامة ، قال القفال : أصل الطم الدفن والعلو ، وكل ما غلب شيئا وقهره وأخفاه فقد طمه ، ومنه الماء الطامي وهو الكثير الزائد ، والطاغي والعاتي والعادي سواء وهو الخارج عن أمر الله تعالى المتكبر ، فالطامة اسم لكل داهية عظيمة ينسى ما قبلها في جنبها .