{ فأخذه الله نكال الآخرة والأولى } وفيه مسألتان :
المسألة الأولى : ذكروا في نصب نكال وجهين ( الأول ) : قال الزجاج : إنه مصدر مؤكد لأن معنى أخذه الله ، نكل الله به ، نكال الآخرة والأولى . لأن أخذه ونكله متقاربان ، وهو كما يقال : أدعه تركا شديدا لأن أدعه وأتركه سواء ، ونظيره قوله : { إن أخذه أليم شديد } ، ( الثاني ) : قال الفراء : يريد أخذه الله أخذا نكالا للآخرة والأولى ، والنكال بمعنى التنكيل كالسلام بمعنى التسليم .
المسألة الثانية : ذكر المفسرون في هذه الآية وجوها ( أحدها ) : أن الآخرة والأولى صفة لكلمتي فرعون إحداهما قوله : { ما علمت لكم من إله غيري } والأخرى قوله : { أنا ربكم الأعلى } قالوا : وكان بينهما أربعون سنة ، وهذا قول مجاهد والشعبي وسعيد بن جبير ومقاتل ، ورواية عطاء والكلبي عن ابن عباس ، والمقصود التنبيه على أنه ما أخذه بكلمته الأولى في الحال ، بل أمهله أربعين سنة ، فلما ذكر الثانية أخذ بهما ، وهذا تنبيه على أنه تعالى يمهل ولا يهمل ( الثاني ) : وهو قول الحسن وقتادة : { نكال الآخرة والأولى } أي عذبه في الآخرة ، وأغرقه في الدنيا ( الثالث ) : الآخرة هي قوله : { أنا ربكم الأعلى } والأولى هي تكذيبه موسى حين أراه الآية ، قال القفال : وهذا كأنه هو الأظهر ، لأنه تعالى قال : { فأراه الآية الكبرى فكذب وعصى ثم أدبر يسعى فحشر فنادى فقال أنا ربكم الأعلى } فذكر المعصيتين ، ثم قال : { فأخذه الله نكال الآخرة والأولى } فظهر أن المراد أنه عاتبه على هذين الأمرين .
المسألة الثالثة : قال الليث : ( النكال ) اسم لمن جعل نكالا لغيره ، وهو الذي إذا رآه أو بلغه خاف أن يعمل عمله ، وأصل الكلمة من الامتناع ، ومنه النكول عن اليمين ، وقيل للقيد نكل لأنه يمنع ، فالنكال من العقوبة هو أعظم حتى يمتنع من سمع به عن ارتكاب مثل ذلك الذنب الذي وقع التنكيل به ، وهو في العرف يقع على ما يفتضح به صاحبه ويعتبر به غيره ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.