مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{عَلَيۡهِمۡ نَارٞ مُّؤۡصَدَةُۢ} (20)

قوله تعالى : { عليهم نار مؤصدة } وفيه مسائل :

المسألة الأولى : قال الفراء والزجاج والمبرد : يقال آصدت الباب وأوصدته إذا أغلقته ، فمن قرأ مؤصدة بالهمزة أخذها من آصدت فهمز اسم المفعول ، ويجوز أن يكون من أوصدت ولكنه همز على لغة من يهمز الواو وإذا كان قبلها ضمة نحو مؤسى ، ومن لم يهمز احتمل أيضا أمرين :

أحدهما : أن يكون من لغة من قال : أوصدت فلم يهمز اسم المفعول كما يقال : من أوعدت موعد .

الآخر : أن يكون من آصد مثل آمن ولكنه خفف كما في تخفيف جؤنة وبؤس جونة وبوس فيقلبها في التخفيف واوا ، قال الفراء : ويقال من هذا الأصيد والوصيد وهو الباب المطبق ، إذا عرفت هذا فنقول : قال مقاتل { عليهم نار مؤصدة } يعني أبوابها مطبقة فلا يفتح لهم باب ولا يخرج منها غم ولا يدخل فيها روح أبد الآباد ، وقيل : المراد إحاطة النيران بهم ، كقوله : { أحاط بهم سرادقها } .

المسألة الثانية : { المؤصدة } هي الأبواب ، وقد جرت صفة للنار على تقدير : عليهم نار مؤصدة الأبواب ، فكلما تركت الإضافة عاد التنوين لأنهما يتعاقبان ، والله سبحانه وتعالى أعلم بالصواب .

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .