روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{لَهُۥ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (12)

{ يَبْسُطُ الرزق لِمَنْ يَشَاء وَيَقَدِرُ } .

وقرئ { يُقَدّرُ } بالتشديد { إِنَّهُ بِكُلّ شَىْء عَلِيمٌ } مبالغ في الإحاطة به فيفعل كل ما يفعل جل شأنه على ما ينبغي أن يفعل عليه ، والجملة تعليل لما قبلها وتمهيد لما بعدها من قوله تعالى : { شَرَعَ لَكُم مّنَ الدين مَا وصى بِهِ نُوحاً والذي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وموسى وعيسى } .

ومما قاله أرباب الإشارات في بعض الآيات : { لَّهُ مَقَالِيدُ السموات والأرض } [ الشورى : 12 ] أي مفاتيح سموات القلوب وفيها خزائن لطفه تعالى ورحمته عز وجل وأرض النفوس وفيها خزائن قهره سبحانه وعزته جل جلاله فكل قلب مخزن لنوع من ألطافه كالمعرفة والمحبة والشوق والتوحيد والهيبة والانس والرضا إلى غير ذلك ، وقد يجتمع في القلب خزائن وكل نفس مخزن لنوع من آثار قهره كالنكرة والجحود والإنكار والشرك والنفاق والحرص والكبر والبخل والشره وغير ذلك ، وقد يجتمع في النفس خزائن ، وفائدة الأخبار بأن له سبحانه مقاليد ذلك قطع أفكار العباد عمن سواه سبحانه في جلب ما يريدونه ودفع ما يكرهونه

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{لَهُۥ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (12)

قوله : { لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } { مقاليد } جمع مقليد ، وهو المفتاح{[4088]} أي بيده مفاتيح السماوات والأرض أو خزائنهما . فهما في قبضته وتحت قهره وسلطانه .

قوله : { يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ وَيَقْدِرُ } أي يوسع الله الرزق من فضله على من يشاء من عباده ، فيزيد له في الخير والبسطة { ويقدر } أي ويقتِّر على من يشاء منهم فيضيِّق عليه ويفقره .

قوله : { إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } الله عليم بمن يصلحه البسطة في الخير والسعة في الرزق ، ومن يفسده ذلك . ويعلم من يصلحه التقتير والتضييق في الرزق ، ومن يفسده ذلك . إن الله لذو علم بذلك كله ؛ فهو سبحانه خالق الإنسان وهو عليم بحقيقة طبعه ، بل هو أعلم بالإنسان من نفسه ويعلم ما يصلحه من الغنى أو الفقر{[4089]} .


[4088]:مختار الصحاح ص 548
[4089]:تفسير القرطبي ج 16 ص 8-9 وتفسير الرازي ج 27 ص 151 وتفسير الطبري ج 25 ص 8 وتفسير ابن كثير ج 4 ص 108.