السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{لَهُۥ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (12)

{ له } أي : وحده { مقاليد السماوات والأرض } أي : خزائنهما ومفاتيح خزائنهما من الإمطار والإنبات وغيرهما ، وقد ثبت أنه ابتدعهما وأن له جميع ما فيهما مما اتخذ من دونه ولياً وغيره ، قال القشيري : والمفاتيح الخزائن وخزائنه هي مقدوراته ا . ه . ولما حصر الأمر فيه دل عليه بقوله تعالى : { يبسط الرزق } أي : يوسعه { لمن يشاء } امتحاناً { ويقدر } أي : يضيقه لمن يشاء ابتلاء كما وسع على فارس والروم وضيق على العرب ، وفاوت في الأفراد بين أفراد من وسع عليهم ومن ضيق عليهم ، فدل ذلك قطعاً على أنه لا شريك له وأنه هو المتصرف وحده ، فقطع بذلك أفكار الموفقين من عباده عن غيره ليقبلوا عليه ويتفرغوا له فإن عبادته هي المقاليد بالحقيقة : { استغفروا ربكم إنه كان غفاراً } ( نوح : 10 ) الآيات { ومن يؤمن بالله ويعمل صالحاً يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار } ( الطلاق : 11 ) { ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض } ( الأعراف : 96 { ولو أن أهل الكتاب آمنوا واتقوا لكفّرنا عنهم سيئاتهم ولأدخلناهم جنات النعيم } ( المائدة : 65 )

الآية ، ثم علل ذلك بقوله تعالى : { إنه بكل شيء عليم } أي : فلا فعل له إلا وهو جار على أتقن ما يكون من قوانين الحكمة فيفعله على ما ينبغي .