جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري  
{لَهُۥ مَقَالِيدُ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضِۖ يَبۡسُطُ ٱلرِّزۡقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقۡدِرُۚ إِنَّهُۥ بِكُلِّ شَيۡءٍ عَلِيمٞ} (12)

القول في تأويل قوله تعالى :

لَهُ مَقَالِيدُ السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ يَبْسُطُ الرّزْقَ لِمَن يَشَآءُ وَيَقْدِرُ إِنّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ

يعني تعالى ذكره بقوله : لَهُ مَقالِيدُ السّمَوَاتِ والأرْضِ : له مفاتيح خزائن السموات والأرض وبيده مغاليق الخير والشرّ ومفاتيحها ، فما يفتح من رحمة فلا ممسك لها ، وما يمسك فلا مرسل له من بعده . وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل . ذكر من قال ذلك :

حدثنا محمد بن عمرو ، قال : حدثنا أبو عاصم ، قال : حدثنا عيسى ، وحدثني الحرث ، قال : حدثنا الحسن ، قال : حدثنا ورقاء جميعاً ، عن ابن أبي نجيح ، عن مجاهد لَهُ مَقالِيدُ السّمَوَاتِ والأرْضِ قال : مفاتيح بالفارسية .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة لَهُ مَقالِيدُ السّمَوَاتِ والأرْض قال : مفاتيح السموات والأرض . وعن الحسن بمثل ذلك .

حدثنا محمد ، قال : حدثنا أحمد ، قال : حدثنا أسباط ، عن السديّ لَهُ مَقاليدُ السّمَوَاتِ والأرْضِ قال : خزائن السموات والأرض .

وقوله : يَبْسُطُ الرّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ يقول : يوسع رزقه وفضله على من يشاء من خلقه ، ويبسط له ، ويكثر ماله ويغنيه . ويقدر : يقول : ويقتر على من يشاء منهم فيضيقه ويفقره إنّهُ بِكُلّ شَيْءٍ عَلِيمٌ يقول : إن الله تبارك وتعالى بكل ما يفعل من توسيعه على من يوسع ، وتقتيره على من يقتر ، ومن الذي يصلحه البسط عليه في الرزق ، ويفسده من خلقه ، والذي يُصلحه التقتير عليه ويفسده ، وغير ذلك من الأمور ، ذو علم لا يخفى عليه موضع البسط والتقتير وغيره ، من صلاح تدبير خلقه . يقول تعالى ذكره : فإلى من له مقاليد السموات والأرض الذي صفته ما وصفت لكم في هذه الاَيات أيها الناس فارغبوا ، وإياه فاعبدوا مخلصين له الدين لا الأوثان والاَلهة والأصنام ، التي لا تملك لكم ضرّاً ولا نفعاً .