روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{ءَأَشۡفَقۡتُمۡ أَن تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَٰتٖۚ فَإِذۡ لَمۡ تَفۡعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (13)

{ أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات } أي أخفتم الفقر لأجل تقديم الصدقات فمفعول { أشفقتم } محذوف ، و { حَمِيمٍ ءانٍ } على إضمار حرف التعليل ، ويجوز أن يكون المفعول { أَن تُقَدّمُواْ } فلا حذف أي أخفتم تقديم الصدقات لتوهم ترتب الفقر عليه ، وجمع الصدقات لما أن الخوف لم يكن في الحقيقة من تقديم صدقة واحدة لأنه ليس مظنة الفقر بل من استمرار الأمر ، وتقديم { صدقات } وهذا أولى مما قيل : إن الجمع لجمع المخاطبين إذ يعلم منه وجه إفراد الصدقة فيما تقدم على قراءة الجمهور { فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُواْ } ما أمرتم به وشق عليكم ذلك { وَتَابَ الله عَلَيْكُمْ } بأن رخص لكم المناجاة من غير تقديم صدقة ، وفيه على ما قيل : إشعار بأن إشفاقهم ذنب تجاوز الله تعالى عنه لما رؤى منهم من الانقياد وعدم خوف الفقر بعد ما قام مقام توبتهم { وَإِذْ } على بابها أعني أنها ظرف لما مضى ، وقيل : إنها بمعنى { إِذْ } الظرفية للمستقبل كما في قوله تعالى : { إِذِ الاغلال في أعناقهم } [ غافر : 71 ] .

وقيل : بمعنى إن الشرطية كأنه قيل : فإن لم تفعلوا { فَأَقِيمُواْ الصلاة وَءاتُواْ الزكواة } والمعنى على الأول إنكم تركتم ذلك فيما مضى فتداركوه بالمثابرة على إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة ، واعتبرت المثابرة لأن المأمورين مقيمون للصلاة ومؤتون للزكاة ، وعدل فصلوا إلى { فَإِذَا قَضَيْتُمُ } ليكون المراد المثابرة على توفية حقوق الصلاة ورعاية ما فيه كمالها لا على أصل فعلها فقط ، ولما عدل عن ذلك لما ذكر جيء بما بعده على وزانه ؛ ولم يقل وزكوا لئلا يتوهم أن المراد الأمر بتزكية النفس كذا قيل فتدبر { وَأَطِيعُواْ الله وَرَسُولَهُ } أي في سائر الأوامر ، ومنها ما تقدم في ضمن قوله تعالى : { يا أَيُّهَا الذين ءامَنُواْ إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُواْ في المجالس فافسحوا } [ المجادلة : 11 ] الآيات وغير ذلك .

/ { والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } ظاهراً وباطناً .

وعن أبي عمرو يعملون بالتحتية .

 
التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز [إخفاء]  
{ءَأَشۡفَقۡتُمۡ أَن تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَٰتٖۚ فَإِذۡ لَمۡ تَفۡعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (13)

قوله : { أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات } الاستفهام للتقرير . يعني أخشيتم وشق عليكم أن تقدموا صدقات قبل مناجاتكم الرسول . والمراد أخشيتم الفقر والحاجة من هذا التقويم { فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم } فنسخ بذلك هذا الحكم وهو التصدق بين يدي المنجاة . وما كان ذلك إلا ليلة واحدة . وقيل : ساعة من نهار .

قوله : { فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله } يعني إذ لم تقدموا صدقات من قبل مناجاتكم الرسول ومن الله بالتوبة من ترككم ذلك فأدوا ما عليكم من فرائض أوجبها الله عليكم وهي الصلاة والزكاة وطاعة الله ورسوله في أوامره ونواهيه { والله خبير بما تعملون } الله عليم بأمركم كله . فهو يعلم ما تفعلون وما تقولون وما تخفون في صدوركم من المقاصد والنوايا{[4489]} .


[4489]:تفسير الطبري جـ 28 ص 16 وتفسير القرطبي جـ 17 ص 303.