الجامع لأحكام القرآن للقرطبي - القرطبي  
{ءَأَشۡفَقۡتُمۡ أَن تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَٰتٖۚ فَإِذۡ لَمۡ تَفۡعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (13)

فيه مسألتان :

الأولى- قوله تعالى : { أأشفقتم } استفهام معناه التقرير . قال ابن عباس : " أأشفقتم " أي أبخلتم بالصدقة ، وقل : خفتم ، والإشفاق الخوف من المكروه . أي خفتم وبخلتم بالصدقة وشق عليكم { أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات } ، قال مقاتل بن حيان : إنما كان ذلك عشر ليال ثم نسخ . وقال الكلبي : ما كان ذلك إلا ليلة واحدة . وقال ابن عباس : ما بقي إلا ساعة من النهار حتى نسخ ، وكذا قال قتادة ، والله أعلم .

الثانية- قوله تعالى : { فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم } ، أي نسخ الله ذلك الحكم . وهذا خطاب لمن وجد ما يتصدق به { فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } ، فنسخت فرضية الزكاة هذه الصدقة . وهذا يدل على جواز النسخ قبل الفعل ، وما روي عن علي رضي الله عنه ضعيف ؛ لأن الله تعالى قال : { فإذ لم تفعلوا } وهذا يدل على أن أحدا لم يتصدق بشيء . والله أعلم . { وأطيعوا الله }في فرائضه { ورسوله } ، { والله خبير بما تعملون }في سننه { والله خبير بما تعملون } .