تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{ءَأَشۡفَقۡتُمۡ أَن تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَٰتٖۚ فَإِذۡ لَمۡ تَفۡعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (13)

الآية 13 وقوله تعالى : { أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات } قال عامة أهل التأويل : أي أبخلتم بها أهل الميسرة { أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات } .

وقوله تعالى : { فإذ لم تفعلوا وتاب الله عليكم } أي تجاوز عنكم إذ لم تفعلوا { فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } أي إذا لم تصدقوا تلك الصدقة فأتوا زكاة أموالكم . قال أهل التأويل : نسخ ما أمروا به من الصدقة عند المناجاة بما ذكر من إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة .

وقوله تعالى : { وأطيعوا الله ورسوله والله خبير بما تعملون } هذا وعيد .

ثم في قوله تعالى : { إذا ناجيتم الرسول } دلالة قبول خبر الواحد لأنه يناجيه ، ولا يعلم به غيره ، دل أنه يقبل إذا أخبر به غيره .

وفيه أن لا كل مناجاة تكون من الشيطان ؛ إن النبي صلى الله عليه وسلم ناجى من ذكر ، فدل أن قوله تعالى : { إنما النجوى من الشيطان }[ الآية : 10 ] مصروف إلى ما سبق ذكره .

وفيه ألا يفهم من ذكر اليد الجارحة ، لا محالة ؛ فإنه قال : { بين يدي نجواكم } وليس للنجوى يد ، ولا ل : بين ، وكذلك قوله تعالى : { لا يأتيه الباطل من بين يديه }[ فصلت : 42 ] ولم يشكل على أحد أنه لم يرد باليد الجارحة ههنا ، فكيف فهم في ما أضيف إلى الله تعالى في قوله تعالى : { بل يداه مبسوطتان }[ المائدة : 64 ] ، وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم : { الصدقة تقع في يد الرحمن الجارحة } لولا فساد اعتقادهم في الله تعالى وتشبيههم إياه بالخلق ؟ .

وقال قتادة : أكثروا النجوى مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فمنعهم الله تعالى عنه ، فقال : { إذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدى نجواكم صدقة } الآية ، وعن علي رضي الله عنه أنه قال : أنا أول من عمل بها ، تصدقت بكذا ، ثم نزلت الرخصة .