وقال ابن عباس : إن المسلمين أكثروا المسائل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى شقوا عليه ، فأراد الله أن يخفف عن نبيه صلى الله عليه وسلم ، فلما قال ذلك : ضن كثير من الناس وكفوا عن المسألة . فأنزل الله بعد هذا { أأشفقتم } الآية فوسع الله عليهم ولم يضيق .
" عن علي بن أبي طالب قال : لما نزلت هذه الآية قال لي النبي صلى الله عليه وسلم : ما ترى دينارا ؟ قلت : لا يطيقونه ، قال : فنصف دينار قلت : لا يطيقونه ، قال : فكم ؟ قلت شعيرة قال إنك لزهيد ، قال : فنزلت { أأشفقتم } الآية في خفف الله عن هذه الأمة " والمراد بالشعيرة هنا وزن شعيرة من ذهب ، وليس المراد الواحدة من حب الشعير ، أخرجه الترمذي وحسنه أبو يعلى وابن جرير وابن المنذر وغيرهم .
وعنه رضي الله تعالى عنه قال ما عمل بها أحد غيري حتى نسخت ، وما كانت إلا ساعة يعني آية النجوى ، وعنه رضي الله عنه قال : إن في كتاب الله لآية ما عمل بها أحد قبلي ، ولا يعمل بها أحد بعدي ، آية النجوى كان عندي دينار فبعته بعشرة دراهم ، فكنت كلما ناجيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قدمت بين يدي نجواي درهما ، ثم نسخت فلم يعمل بها أحد فنزلت { أأشفقتم } الآية ، وعن سعد بن أبي وقاص قال : نزلت آية النجوى فقدمت شعيرة ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، إنك لزهيد ، فنزلت الآية الأخرى { أأشفقتم } الآية .
{ ذلك } أي ما تقدم من تقديم الصدقة بين يدي النجوى { خير لكم } لما فيه من طاعة الله ، وتقييد الأمر بكون امتثاله خيرا لهم منعدم الامتثال ، { وأطهر } لنفوسهم ، يدل على أنه أمر ندب لا أمر وجوب قوله :{ فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم } يعني من كان منكم لا يجد تلك الصدقة المأمور بها بين يدي النجوى ، فلا حرج عليه في النجوى بدون صدقة .
{ أأشفقتم أن تقدموا بين يدي نجواكم صدقات } أي أخفتم الفقر والعيلة لأن تقدموا ذلك ؟ والإشفاق الخوف من المكروه ، والاستفهام للتقرير .
وقيل : المعنى أبخلتم ، وجمع الصدقات هنا باعتبار المخاطبين ، قال مقاتل بن حيان : إنما كان ذلك عشر ليال ثم نسخ ، وقال الكلبي : ما كان ذلك إلا ليلة واحدة وقيل إنه لم يبق إلا يوما واحدا وقال قتادة : ما كان إلا ساعة من نهار .
{ فإذا لم تفعلوا } ما أمرتم به من الصدقة بين يدي النجوى ، وهذا خطاب لمن وجد ما يتصدق به ولم يفعل ، وأما من لم يجد فقد تقدم الترخيص له بقوله :{ فإن لم تجدوا فإن الله غفور رحيم } وإذ على بابها في الدلالة على المضي وقيل : هي بمعنى إذا وقيل : بمعنى إن ، { وتاب الله عليكم } رجع بكم عنها بأن رخص لكم في الترك ، { فأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وأطيعوا الله ورسوله } ، المعنى : إذا وقع منكم التثاقل عن امتثال الأمر بتقديم الصدقة بين يدي النجوى فاثبتوا على إقامة الصلاة المفروضة وإيتاء الزكاة الواجبة وطاعة الله ورسوله فيما تؤمرون به وتنهون عنه .
{ والله خبير بما تعملون } لا يخفى عليه من ذلك شيء ، فهو مجازيكم ، وليس في الآية ما يدل على تقصير المؤمنين في الامتثال ، أما الفقراء منهم فالأمر واضح ، وأما من عداهم من المؤمنين فإنهم لم يكلموا بالمناجاة حتى تجب عليهم الصدقة ، بل أمروا بالصدقة إذا أرادوا المناجاة ، فمن ترك المناجاة فلا يكون مقصرا في امتثال الأمر بالصدقة على أن الآية ما يدل على أن الأمر للندب كما قدمنا ، وقد استدل بهذه الآية من قال بأنه يجوز النسخ قبل إمكان الفعل وليس هذا الاستدلال بصحيح ، فإن النسخ لم يقع إلا بعد إمكان الفعل ، وأيضا قد فعل ذلك البعض فتصدق بين يدي نجواه كما تقدم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.