إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ءَأَشۡفَقۡتُمۡ أَن تُقَدِّمُواْ بَيۡنَ يَدَيۡ نَجۡوَىٰكُمۡ صَدَقَٰتٖۚ فَإِذۡ لَمۡ تَفۡعَلُواْ وَتَابَ ٱللَّهُ عَلَيۡكُمۡ فَأَقِيمُواْ ٱلصَّلَوٰةَ وَءَاتُواْ ٱلزَّكَوٰةَ وَأَطِيعُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُۥۚ وَٱللَّهُ خَبِيرُۢ بِمَا تَعۡمَلُونَ} (13)

{ أَأشْفَقْتُمْ أَن تُقَدّمُوا بَيْنَ يَدَي نجواكم صدقات } ، أيْ أخفتمْ الفقرَ منْ تقديمِ الصدقاتِ ، أو أخفتمْ التقديمَ لما يعدكُم الشيطانُ عليهِ منَ الفقرِ وجمعَ صدقاتٍ لجمعِ المخاطبينَ ، { فَإِذْ لَمْ تَفْعَلُوا } ما أمرتمْ بهِ وشَقَّ عَليكُمْ ذلكَ ، { وَتَابَ الله عَلَيْكُمْ } بأنْ رخصَ لكُم أنْ لا تفعلُوه وفيه إشعارٌ بأنَّ إشفاقَهُم ذنبٌ تجاوزَ الله عنْهُ لما رأى منهم منَ الانفعالِ مَا قامَ مقَام توبتهِم وإذْ عَلى بابِهَا مِنَ المُضيِّ وقيلَ : بِمَعْنى إذَا كَمَا في قولِهِ تَعَالى :{ إِذِ الأغلال فِي أعناقهم }[ سورة غافر ، الآية 71 ] وقيلَ : بمعنى إنْ :{ فأَقِيمُوا الصلاة وَآتُوا الزكاة } أيْ فإذْ فرطتُم فِيمَا أُمِرتُمْ بهِ منْ تقديمِ الصدقاتِ فتداركُوه بالمثابرةِ عَلى إقامةِ الصلاةِ وإيتاءِ الزكاةِ{ وَأَطِيعُوا الله وَرَسُولَهُ } في سائرِ الأوامرِ فإنَّ القيامَ بِها كالجابرِ لما وقعَ في ذلكَ من التفريطِ { والله خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ } ظاهراً وباطناً .