روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ} (44)

{ وَأَنَّهُ } أي ما أوحى إليك والمراد به القرآن { لِذِكْرِ } لشرف عظيم { لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } هم قريش على ما روي عن ابن عباس . ومجاهد . وقتادة . والسدى . وابن زيد .

وأخرج ابن عدي . وابن مردويه عن علي كرم الله تعالى وجهه . وابن عباس رضي الله تعالى عنهما قالا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل بمكة ويعدهم الظهور فإذا قالوا : لمن الملك بعدك أمسك فلم يجبهم بشيء لأنه عليه الصلاة والسلام لم يؤمر في ذلك بشيء حتى نزلت : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } فكان صلى الله عليه وسلم بعد إذا سئل قال لقريش : فلا يجيبونه حتى قبلته الأنصار على ذلك .

وأخرج الطبراني . وابن مردويه . عن عدي بن حاتم قال : " كنت قاعداً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : ألا إن الله تعالى علم ما في قلبي من حبي لقومي فبشرني فيهم فقال سبحانه : { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } الآية فجعل الذكر والشرف لقومي في كتابه " الحديث ، وفيه «فالحمد لله الذي جعل الصديق من قومي والشهيد من قومي إن الله تعالى قلب العباد ظهراً وبطناً فكان خير العرب قريش وهي الشجرة المباركة إلى أن قال عدى : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده قريش بخير قط إلا سره حتى يتبين ذلك السرور في وجهه للناس كلهم وكان عليه الصلاة والسلام كثيراً ما يتلو هذه الآية { وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَّكَ وَلِقَوْمِكَ } الخ ، وقيل هم العرب مطلقاً لما أن القرآن نزل بلغتهم ثم يختص بذلك الشرف الأخص فالأخص منهم حتى يكون الشرف لقريش أكثر من غيرهم ثم لبني هاشم أكثر مما يكون لسائر قريش ، وفي رواية عن قتادة هم من اتبعه صلى الله عليه وسلم من أمته .

وقال الحسن : هم الأمة والمعنى وإنه لتذكرة وموعظة لك ولأمتك ، والأرجح عندي القول الأول .

{ وَسَوْفَ تُسْئَلُونَ } يوم القيامة عنه وعن قيامكم بحقوقه ، وقال الحسن . والكلبي . والزجاج : تسألون عن شكر ما جعله الله تعالى لكم من الشرف ، قيل إن هذه الآية تدل على أن الإنسان يرغب في الثناء الحسن والذكر الجميل إذ لو لم يكن ذلك مرغوباً فيه ما أمتن الله تعالى به على رسوله صلى الله عليه وسلم والذكر الجميل قائم مقام الحياة ولذا قيل ذكر الفتى عمره الثاني ، وقال ابن دريد :

وإنما المرء حديث بعده *** فكن حديثاً حسناً لمن وعى

وقال آخر :

إنما الدنيا محاسنها *** طيب ما يبقى من الخبر

ويحكى أن الطاغية هلاكو سأل أصحابه من الملك ؟ فقالوا : له أنت الذي دوخت البلاد وملكت الأرض وطاعتك الملوك وكان المؤذن إذ ذاك يؤذن فقال لا الملك هذا الذي له أزيد من ستمائة سنة قد مات وهو يذكر على المآذن في كل يوم وليلة خمس مرات يريد محمداً رسول الله صلى الله عليه وسلم .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ} (44)

قوله تعالى :{ فاستمسك بالذي أوحي إليك إنك على صراط مستقيم وإنه } يعني القرآن ، { لذكر لك } أي لشرف لك ، { ولقومك } من قريش ، نظيره : { لقد أنزلنا إليكم كتاباً فيه ذكركم } ( الأنبياء-10 ) ، أي شرفكم ، { وسوف تسألون } عن حقه وأداء شكره . روى الضحاك عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سئل لمن هذا الأمر بعدك ؟ لم يجب بشيء حتى نزلت هذه الآية ، فكان بعد ذلك إذا سئل لمن هذا ؟ قال : لقريش .

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبأنا عبد الرحمن بن شريح ، أنبأنا أبو القاسم البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، أنبأنا عاصم بن محمد بن زيد ، عن أبيه ، عن ابن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي اثنان "

أخبرنا عبد الواحد المليحي ، أنبانا أحمد بن عبد الله النعيمي ، أنبأنا محمد بن يوسف ، حدثنا محمد بن إسماعيل ، حدثنا أبو اليمان ، أنبأنا شعيب عن الزهري قال : كان محمد بن جبير بن مطعم يحدث عن معاوية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : " إن هذا الأمر في قريش لا يعاديهم أحد إلا كبه الله على وجهه ما أقاموا الدين " . وقال مجاهد : القوم هم العرب ، فالقرآن لهم شرف إذ نزل بلغتهم ، ثم يختص بذلك الشرف الأخص فالأخص من العرب ، حتى يكون الأكثر لقريش ولبني هاشم . وقيل : ذكر شرف لك بما أعطاك من الحكمة ، ولقومك المؤمنين بما هداهم الله به ، وسوف تسألون عن القرآن وعما يلزمكم من القيام بحقه .