الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَإِنَّهُۥ لَذِكۡرٞ لَّكَ وَلِقَوۡمِكَۖ وَسَوۡفَ تُسۡـَٔلُونَ} (44)

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم والطبراني وابن مردويه والبيهقي في شعب الإِيمان من طرق ، عن ابن عباس رضي الله عنهما { وإنه لذكر لك ولقومك } قال : القرآن شرف لك ولقومك .

وأخرج عبد بن حميد وابن جرير ، عن قتادة رضي الله عنه { وإنه لذكر لك } يعني القرآن ، ولقومك ، يعني من اتبعك من أمتك .

وأخرج الشافعي وعبد الرزاق وسعيد بن منصور وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم والبيهقي ، عن مجاهد في قوله : { وإنه لذكر لك ولقومك } قال : يقال ممن هذا الرجل ؟ فيقال : من العرب ، فيقال : من أي العرب ؟ فيقال : من قريش ، فيقال : من أي قريش ؟ فيقال : من بني هاشم .

وأخرج ابن عدي وابن مردويه ، عن علي وابن عباس قالا : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعرض نفسه على القبائل بمكة ، ويعدهم الظهور ، فإذا قالوا لمن الملك بعدك ؟ أمسك ، فلم يجبهم بشيء ، لأنه لم يؤمر في ذلك بشيء حتى نزلت { وإنه لذكر لك ولقومك } فكان بعد إذا سئل قال : لقريش ، فلا يجيبونه حتى قبلته الأنصار على ذلك .

وأخرج الطبراني وابن مردويه ، عن عدي بن حاتم رضي الله عنه قال : كنت قاعداً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال : « إلا إن الله علم ما في قلبي من حبي لقومي ، فشرفني فيهم فقال : { وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون } فجعل الذكر والشرف لقومي في كتابه ، ثم قال { وأنذر عشيرتك الأقربين } [ الشعراء : 214 ] { واخفض جناحك لمن اتبعك من المؤمنين } [ الشعراء : 215 ] يعني قومي ، فالحمد لله الذي جعل الصديق من قومي ، والشهيد من قومي ، إن الله قلب العباد ظهراً وبطناً ، فكان خير العرب قريش ، وهي الشجرة المباركة التي قال الله في كتابه { ومثل كلمة طيبة كشجرة طيبة } [ إبراهيم : 24 ] يعني بها قريشاً ( أصلها ثابت ) يقول : أصلها كَرَمٌ ، { وفرعها في السماء } ، يقول : الشرف الذي شرفهم الله بالإِسلام الذي هداهم له وجعلهم أهله . ثم أنزل فيهم سورة من كتاب الله بمكة { لإِيلاف قريش } [ قريش ، الآية : 1-2-3-4 ] إلى آخرها قال عدي بن حاتم : ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذكر عنده قريش بخير قط ، إلا سره حتى يتبين ذلك السرور للناس كلهم في وجهه ، وكان كثيراً ما يتلوا هذه الآية { وإنه لذكر لك ولقومك وسوف تسألون } .