ولما بين تأثير التمسك بهذا الدين في منافع الآخرة بين أيضاً تأثيره في منافع الدنيا فقال : { وإنه لذكر لك ولقومك } أي أنه يعني القرآن «لذكر لك » لشرف لك{[49894]} «ولقومك » من قريش نظيره : «لقد أنزلنا إليكم كِتَابَ فِيه ذِكْرُكُمْ » شرفكم وأنه يوجب الشرف العظيم لك ولقومك ، حيث يقال : إن هذا الكتاب العظيم أنزله الله عز وجل لقوم من هؤلاء .
وهذه الآية تدل على أن الإنسان لا بد وأن يكون عظيم الرغبة في الثناء الحسن والذكر الجميل ولو لم يكن الذكر الجميل أمراً مرغوباً فيه لما مَنَّ اللهُ تعالى به على محمد صلى الله عليه وسلم فقال : { إنه لذكر لك ولقومك } وَلَما طلبه إبراهيم عليه الصلاة والسلام حيث قال : { واجعل لِّي لِسَانَ صِدْقٍ فِي الآخرين } [ الشعراء : 84 ] ولأن الذكر الجميل قائمٌ مقامَ الحياة الشريفة ، بل الذكر أفضل من الحياة ؛ لأن أثر الحياة لا يحصل إلا في مسكن ذلك الحي ، وأما أثر الذكر الجميل فإن يحصل في كل زمان وكل مكان ثم قال تعالى : { وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ } قال الكلبي : تسألون هل أديتم شكر إنعامنا عليكم بهذا الذكر الجميل . وقال مقاتل : يقال لمن كذب به : لِمَ كَذَّبْتَ ؟ فيسأل سؤال توبيخ .
وقيل : تسألون هل علمتم بما دل عليه القرآن من التكاليف{[49895]} . وروى الضحاك عن أبي عباس ( رضي الله عنهم{[49896]} ) ، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا سئل لمن هذا الأمر بعدك ؟ لم يخبر بشيء حتى نزلت هذه الآية ، فكان بعد ذلك إذا سئل لمن هذا الأمر بعدك ؟ قال لقُرَيْشٍ{[49897]} .
وروى ابن عُمَر ( رضي الله عنهما{[49898]} ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «لاَ يَزَالُ هذَا الأَمْرُ في قُرَيْشٍ مَا بَقِيَ اثْنَانِ »{[49899]} وروى معاوية قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : «إن هذا الأمر في قرَيْش لا يعاديهم أحدٌ إلا كبّه الله عَلَى وَجْهِهِ مَا أَقَامُوا الدِّينَ »{[49900]} وقال مجاهد : القوم هم العرب ، فالقرآن لهم شرف ، إذْ نَزَل بلغتهم ، ثم يختص بذلك الشرف الأخص فالأخص من العرب ثم يكون الأكثر لقريش ولبني هاشم{[49901]} .
وقيل : ذكر لك بما أعطاك من الحكمة ، ولقومك من المؤمنين ، بما هداهم الله به ، وسوف تسألون عن القرآن ، وعما يلزمكم من القيام بحقه .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.