روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونٖ} (6)

وقوله تعالى : { إِلاَّ الذين ءامَنُواْ وَعَمِلُواْ الصالحات } على ما تقدم استثناء متصل من ضمير { رددناه } العائد على الإنسان فإنه في معنى الجمع فالمؤمنون لا يردون أسفل سافلين يوم القيامة ولا تقبح صورهم بلا يزدادون بهجة إلى بهجتهم وحسناً إلى حسنهم وقوله تعالى : { فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ } أي غير مقطوع أو غير ممنون به عليهم مقرر لما يفيده الاستثناء من خروجهم عن حكم الرد ومبين لكيفية حالهم وعلى الأخير الاستثناء منقطع والموصول مبتدأ وجملة لهم أجر خبره والفاء لتضمن المبتدأ معنى الشرط والكلام على معنى الاستدراك كأنه قيل لكن الذين آمنوا لهم أجر الخ وهو لدفع ما يتوهم من أن التساوي في أرذل العمر يقتضي التساوي في غيره فلا يرد أنه كيف يكون متقطعاً والمؤمنون داخلون في المردودين إلى أرذل العمر غير مخالفين لغيرهم في الحكم وقال بعض المحققين الانقطاع لأنه لم يقصد إخراجهم من الحكم وهو مدار الاتصال والانقطاع كما صرح به في الأصول لا الخروج والدخول فلا تغفل وحمل غير واحد هؤلاء المؤمنين على الصالحين من الهرمي كأنه قيل لكن الذين كانوا صالحين من الهرمي لهم ثواب دائم غير منقطع أو غير ممنون به عليهم لصبرهم على ما ابتلوا به من الهرم والشيخوخة المانعين إياهم عن النهوض لأداء وظائفهم من العبادة أخرج أحمد والبخاري وابن حبان عن أبي موسى قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إذا مرض العبد أو سافر كتب الله تعالى له من الأجر مثل ما كان يعمل صحيحاً مقيماً » وفي رواية عنه ثم قرأ صلى الله عليه وسلم فلهم أجر غير ممنون أخرج الطبراني عن شداد بن أوس قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إن الله تبارك وتعالى يقول إذا ابتليت عبداً من عبادي مؤمناً فحمدني على ما ابتليته فإنه يقوم من مضجعه كيوم ولدته أمه من الخطايا ويقول الرب عز وجل أني أنا قيدت عبدي هذا وابتليته فأجروا له ما كنتم تجرون له قبل ذلك وهو صحيح وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس أنه قال في الآية إذا كبر العبد وضعف عن العمل كتب له أجر ما كان يعمل في شبيبته » ومن الناس من حملهم على قراء القرآن وجعل الاستثناء متصلاً مخرجا لهم عن حكم الرد إلى أرذل العمر بناء على ما أخرج الحاكم وصححه والبيهقي في الشعب عن الحبر قال من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر وذلك قوله تعالى ثم رددناه أسفل سافلين إلا الذين آمنوا قال إلا الذين قرؤوا القرآن وأخرج عبد بن حميد وابن جرير عن عكرمة نحوه وفيه أنه لا ينزل تلك المنزلة يعني الهرم كي لا يعلم من بعد علم شيئاً أحد من قراء القرآن ولا يخفى أن تخصيص الذين آمنوا بما خصص به خلاف الظاهر وفي كون أحد من القراء لا يرد إلى أرذل العمر توقف فليتتبع

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَعَمِلُواْ ٱلصَّـٰلِحَٰتِ فَلَهُمۡ أَجۡرٌ غَيۡرُ مَمۡنُونٖ} (6)

ثم استثنى فقال :{ إلا الذين آمنوا } فإنهم لا يردون إلى النار . ومن قال بالقول الأول قال : رددناه أسفل سافلين ، فزالت عقولهم وانقطعت أعمالهم ، فلا يكتب لهم حسنة إلا الذين آمنوا . { وعملوا الصالحات } فإنه يكتب لهم بعد الهرم والخرف ، مثل الذين كانوا يعملون في حال الشباب والصحة . قال ابن عباس : هم نفر ردوا إلى أرذل العمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله تعالى عذرهم . فأخبر أن لهم أجرهم الذي عملوا قبل أن تذهب عقولهم . قال عكرمة : لم يضر هذا الشيخ كبره إذ ختم الله له بأحسن ما كان يعمل . وروى عاصم الأحول عن عكرمة عن ابن عباس قال : { إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات } قال : { إلا الذين قرؤوا القرآن } وقال : من قرأ القرآن لم يرد إلى أرذل العمر . { فلهم أجر غير ممنون } غير مقطوع ، لأنه يكتب له كصالح ما كان يعمل . قال الضحاك : أجر بغير عمل .