روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{وَأَمَّا عَادٞ فَأُهۡلِكُواْ بِرِيحٖ صَرۡصَرٍ عَاتِيَةٖ} (6)

{ فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُواْ } أي أهلكهم الله تعالى وقرأ زيد بن علي فهلكوا بالبناء للفاعل { بالطاغية } أي الواقعة المجاوزة للحد وهي الصيحة لقوله تعالى في هود { وأخذ الذين ظلموا الصيحة } [ هود : 67 ] وبها فسرت الصاعقة في حم السجدة أو الرجفة لقوله سبحانه في الأعراف : { فَأَخَذَتْهُمُ الرجفة } [ الأعراف : 78 ] وفي الزلزلة المسببة عن الصيحة فلا تعارض بين الآيات لأن الإسناد في بعض إلى السبب القريب وفي بعض آخر إلى البعيد والأول مروى عن قتادة قال أي بالصيحة التي خرجت عن حد كل صيحة وقال ابن عباس وأبو عبيدة وابن زيد ما معناه الطاغية مصدر فكأنه قيل بطغيانهم وأيد بقوله تعالى { كذبت ثمود بطغواها } [ الشمس : 11 ] والمعول عليه الأول لمكان قوله تعالى : { وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُواْ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ } وإيضاح ذلك أن الآية فيها جمع وتفريق فلو قيل أهلك هؤلاء بالطغيان على أن ذلك سبب جالب وهؤلاء بالريح على أنه سبب آلي لم يكن طباق إذا جاز أن يكون هؤلاء أيضاً هلكوا بسبب الطغيان وهذا معنى قول الزمخشري في تضعيف الثاني لعدم الطباق بينها وبين بريح لا أن ذلك لأن أحدهما عين والآخر حدث وما ذكر من التأييد لا يخفي حاله وكذا يرجح الأول على قول مجاهد وابن زيد أيضاً أي بسبب الفعلة الطاغية التي فعلوها وهي عقر الناقة وعلى ما قيل الطاغية عاقر الناقة والهاء فيها للمبالغة كما في رجل راوية وأهلكوا كلهم بسببه لرضاهم بفعله وما قيل أيضاً بسبب الفئة الطاغية ووجه الرجحان يعلم مما ذكر ومر الكلام في الصرصر فتذكر وهو صفة ريح وكذا قوله تعالى : { عَاتِيَةٍ } أي شديدة العصف أو عتت على عاد فما قدروا على ردها والخلاص منها بحيلة من استتار ببناء أو لياذ بجبل أو اختفاء في حفرة فإنها كانت تنزعهم من مكامنهم وتهلكهم والعتو عليهما استعارة وأصله تجاوز الحد وهو قد يكون بالنسبة إلى الغير وقد لا يكون ومنه يعلم الفرق بين الوجهين وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب كرم الله تعالى وجهه أنه قال لم تنزل قطرة إلا بمكيال على يدي ملك إلا يوم نوح فإنه أذن للماء دون الخزان فطغى الماء على الخزان فخرج فذلك قوله تعالى { إنا لما طغى الماء } [ الحاقة : 11 ] ولم ينزل شيء من الريح إلا بمكيال على يدي ملك إلا يوم عاد فإنه أذن لها دون الخزان فخرجت فذلك قوله تعالى بريح صرصر عاتية عتت على الخزان وفي «صحيحي البخاري » ومسلم وغيرهما ما يوافقه فهو تفسير ما ثُور وقد حكى ذلك في «الكشاف » ثم قال ولعلها عبارة عن الشدة والإفراط فيها وخرج ذلك في «الكشف » على الاستعارة التمثيلية ثم قال إن المثل إذا صار بحيث يفهم منه المقصود من دون نظر إلى أصل القصة جاز أن يقال أنه كناية عنه كما فيما نحن فيه وجوز أن يكون هناك تشبيه بليغ من العتو وهو الخروج عن الطاعة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَأَمَّا عَادٞ فَأُهۡلِكُواْ بِرِيحٖ صَرۡصَرٍ عَاتِيَةٖ} (6)

تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :

{وأما عاد فأهلكوا} يعني عذبوا {بريح صرصر} يعني باردة {عاتية} شديدة عتت على خزانها بغير رأفة ولا رحمة...

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

وأما عاد قوم هود فأهلكهم الله بريح صرصر، وهي الشديدة العصوف مع شدّة بردها.

"عاتيَةٍ": عتت على خزانها في الهبوب، فتجاوزت في الشدّة والعصوف مقدارها المعروف في الهبوب والبرد...

عن ابن عباس... بريح مهلكة باردة، عتت عليهم بغير رحمة ولا بركة، دائمة لا تَفْتُر...

عن قتادة:...الصرصر: الباردة عتت عليهم حتى نقبت عن أفئدتهم...

قال ابن زيد: الصرصر: الشديدة، والعاتية: القاهرة التي عتت عليهم فقهرتهم.

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

قال الحسن: الريح الصرصر هي الصّيّتة، وهي التي لها صوت.

وقال بعضهم: هي الريح الباردة الشديدة البرد كقوله: {ريح فيها صرّ أصابت} الآية [آل عمران: 117] والصرّ البرد، والصرصر المكرر منه، فوصفها لدوامها وتكررها.

{عاتية} فتأويلها على ما ذكرنا في الطاغية.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{عَاتِيَةٍ} عتت على عاد، فما قدروا على ردّها بحيلة، من استتار ببناء، أو لياذ بجبل، أو اختفاء في حفرة؛ فإنها كانت تنزعهم من مكامنهم وتهلكهم.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

وأما العاتية ففيها أقوال:

...

...

...

...

...

...

القول الثالث: أن هذا ليس من العتو الذي هو عصيان، إنما هو بلوغ الشيء وانتهاؤه، ومنه قولهم: عتا النبت، أي بلغ منتهاه وجف، قال تعالى: {وقد بلغت من الكبر عتيا} فعاتية أي بالغة منتهاها في القوة والشدة...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

وأما عاد فيفصل في أمر نكبتها ويطيل، فقد استمرت وقعتها سبع ليال وثمانية أيام حسوما. على حين كانت وقعة ثمود خاطفة.. صيحة واحدة. طاغية.. (وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية). والريح الصرصر: الشديدة الباردة. واللفظ ذاته فيه صرصرة الريح. وزاد شدتها بوصفها (عاتية).. لتناسب عتو عاد وجبروتها المحكي في القرآن، وكانوا أشداء بطاشين جبارين...