فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَأَمَّا عَادٞ فَأُهۡلِكُواْ بِرِيحٖ صَرۡصَرٍ عَاتِيَةٖ} (6)

{ وأما عاد } هو قوم هود وقد تقدم بيان هذا وذكر منازلهم وأين كانت في غير موضع وهي الأحقاف وهو رمل بين عمان وحضرموت باليمن ، وقدم ذكر ثمود لأن بلادهم أقرب إلى قريش ، وواعظ القريب أكبر ، ولأن إهلاكهم بالصيحة وهي أشبه النفخ في الصور .

{ فأهلكوا بريح } أي بالدبور { صرصر } هي الشديدة البرد مأخوذ من الصر وهو البرد ، وقيل الشديدة الصوت وقال مجاهد الشديدة السموم { عاتية } عن الطاعة فكأنها عتت على خزانها فلم تطعهم ولم يقدروا على ردها لشدة هبوبها أو عتت على عاد فلم يقدروا على ردها بل أهلكتهم .

قال ابن عباس ما أرسل الله شيئا من ريح إلا بمكيال ولا قطرة من ماء إلا بمكيال إلا يوم عاد ويوم قوم نوح ، فأما يوم نوح فإن الماء طغى على خزانه فلم يكن لهم عليه سبيل ، ثم قرأ { إنا لما طغى الماء } وأما يوم عاد فإن الريح عتت على خزانها فلم يكن لهم عليها سبيل ثم قرأ { بريح صرصر عاتية } وعنه قال عاتبة غالبة ، وعن علي بن أبي طالب نحوه .

وأخرج البخاري ومسلم وغيرهما عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم " قال نصرت بالصبا وأهلكت عاد الدبور " ، وعن ابن عمر مرفوعا " قال ما أمر الخزان على عاد إلاّ مثْل موضع الخاتم من الريح فعتت على الخزان فخرجت من نواحي الأبواب فذلك قوله { بريح صرصر عاتية } قال عتوها عتت على الخزان " أخرجه ابن أبي حاتم .