مفاتيح الغيب للرازي - الفخر الرازي  
{وَأَمَّا عَادٞ فَأُهۡلِكُواْ بِرِيحٖ صَرۡصَرٍ عَاتِيَةٖ} (6)

قوله تعالى : { وأما عاد فأهلكوا بريح صرصر عاتية } الصرصر الشديدة الصوت لها صرصرة وقيل : الباردة من الصر كأنها التي كرر فيها البرد وكثر فهي تحرق بشدة بردها ، وأما العاتية ففيها أقوال : ( الأول ) قال الكلبي : عتت على خزنتها يومئذ ، فلم يحفظوا كم خرج منها ، ولم يخرج قبل ذلك ، ولا بعده منها شيء إلا بقدر معلوم ، قال عليه الصلاة والسلام : طغى الماء على خزانه يوم نوح ، وعتت الريح على خزانها يوم عاد ، فلم يكن لها عليها سبيل ، فعلى هذا القول : هي عاتية على الخزان ( الثاني ) قال عطاء عن ابن عباس : يريد الريح عتت على عاد فما قدروا على ردها بحيلة من استتار ببناء أو ( استناد إلى جبل ) ، فإنها كانت تنزعهم من مكامنهم وتهلكهم ( القول الثالث ) أن هذا ليس من العتو الذي هو عصيان ، إنما هو بلوغ الشيء وانتهاؤه ومنه قولهم : عتا النبت ، أي بلغ منتهاه وجف ، قال تعالى : { وقد بلغت من الكبر عتيا } فعاتية أي بالغة منتهاها في القوة والشدة .