الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَأَمَّا عَادٞ فَأُهۡلِكُواْ بِرِيحٖ صَرۡصَرٍ عَاتِيَةٖ} (6)

{ بِرِيحٍ صَرْصَرٍ } والصرصر : الشديدة الصوت لها صرصرة . وقيل : الباردة من الصر ، كأنها التي كرر فيها البرد وكثر : فهي تحرق لشدة بردها { عَاتِيَةٍ } شديدة العصف والعتو استعارة . أو عتت على عاد ، فما قدروا على ردّها بحيلة ، من استتار ببناء ، أو لياذ بجبل ، أو اختفاء في حفرة ؛ فإنها كانت تنزعهم من مكامنهم وتهلكهم . وقيل : عتت على خزانها ، فخرجت بلا كيل ولا وزن : وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : « ما أرسل الله سفينة من ريح إلا بمكيال ولا قطرة من مطر إلا بمكيال إلا يوم عاد ويوم نوح ، فإنّ الماء يوم نوح طغى على الخزان فلم يكن لهم عليه السبيل » ، ثم قرأ : { إِنَّا لَمَّا طَغَا الماء حملناكم فِى الجارية } [ الحاقة : 11 ] « وإن الريح يوم عاد عتت على الخزان فلم يكن لهم عليها سبيل » ثم قرأ { بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ } ولعلها عبارة عن الشدة والإفراط فيها .