الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَأَمَّا عَادٞ فَأُهۡلِكُواْ بِرِيحٖ صَرۡصَرٍ عَاتِيَةٖ} (6)

5

وأخرج الفريابي وعبد بن حميد وابن جرير عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : ما أرسل الله شيئاً من ريح إلا بمكيال ، ولا قطرة من مطر إلا بمكيال إلا يوم نوح ويوم عاد ، فأما يوم نوح فإن الماء طغى على خزانه فلم يكن لهم عليه سبيل ، ثم قرأ { إنا لما طغى الماء } وأما يوم عاد فإن الريح عتت على خزانها فلم يكن لهم عليها سبيل ثم قرأ { بريح صرصر عاتية } .

وأخرج ابن جرير عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال : لم تنزل قطرة من ماء إلا بمكيال على يدي ملك إلا يوم نوح ، فإنه أذن للماء دون الخزان ، فطغى الماء على الخزان ، فخرج فذلك قوله : { إنا لما طغى الماء } ولم ينزل شيء من الريح إلا بكيل على يدي ملك إلا يوم عاد فإنه أذن لها دون الخزان فخرجت ، فذلك قوله : { بريح صرصر عاتية } عتت على الخزان .

وأخرج أبو الشيخ في العظمة عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : «نصرت بالصبا وأهلكت عاد بالدبور ، قال : ما أمر الخزان أن يرسلوا على عاد إلا مثل موضع الخاتم ، من الريح ، فعتت على الخزان فخرجت من نواحي الأبواب ، فذلك قوله : { بريح صرصر عاتية } قال : عتوها عتت على الخزان فبدأت بأهل البادية منهم فحملتهم بمواشيهم وبيوتهم فأقبلت بهم إلى الحاضرة { فلما رأوه عارضاً مستقبل أوديتهم قالوا هذا عارض ممطرنا } [ الأحقاف : 24 ] فلما دنت الريح وأظلتهم استبق الناس والمواشي فيها فألقت البادية على أهل الحاضرة تقصفهم فهلكوا جميعاً » .

وأخرج أبو الشيخ في العظمة والدارقطني في الأفراد وابن مردويه وابن عساكر عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «ما أنزل الله من السماء كفاً من ماء إلا بمكيال ولا كفاً من ريح إلا بمكيال إلا يوم نوح ، فإن الماء طغى على الخزان فلم يكن لهم عليه سلطان ، قال الله تعالى : { إنا لما طغى الماء حملناكم في الجارية } ويوم عاد فإن الريح عتت على الخزان قال الله : { بريح صرصر عاتية } قال : الغالبة » .

وأخرج عبد بن حميد عن عكرمة رضي الله عنه قال : الصرصر الباردة { عاتية } قال : حيث عتت على خزانها .

6