روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي [إخفاء]  
{بَلِ ٱللَّهَ فَٱعۡبُدۡ وَكُن مِّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (66)

{ بَلِ الله فاعبد } رد لما أمروه به من استلام بعض آلهتهم ، والفاء جزائية في جواب شرط مقدر كأنه قيل : إن كنت عابداً أو عاقلاً فاعبد الله فحذف الشرط وجعل تقديم المفعول عوضاً عنه ، وإلى هذا ذهب الزمخشري وسلفه في كونها جزائية الزجاج ، وأنكر أبو حيان كون التقديم عوضاً عن الشرط ، ومذهب الفراء . والكسائي أن الفاء زائدة بين المؤكد والمؤكد والاسم الجليل منصوب بفعل محذوف والتقدير الله اعبد فاعبده وقدر مؤخراً ليفيد الحصر .

وفي الانتصاف مقتضى كلام سيبويه أن الأصل تنبه فاعبد الله فحذفوا الفعل الأول اختصاراً واستنكروا الابتداء بالفاء ومن شأنها التوسط بين المعطوف والمعطوف عليه فقدموا المفعول فصارت الفاء متوسطة لفظاً ودالة على المحذوف وانضاف إليها فائدة الحصر لإشعار التقديم بالاختصاص ، واعتبار الاختصاص قيل : مما لا بد منه لأنه لم يكن الكلام رداً عليهم فيما أمروه به لولاه فإنهم لم يطلبوا منه عليه الصلاة والسلام ترك عبادة الله سبحانه بل استلام آلهتهم والشرك به عز وجل اللهم إلا أن يقال : عبادة الله سبحانه مع الشرك كلا عبادة ، والله جل وعلا أغنى الشركاء فمن أشرك في عمله أحداً معه عز وجل فعمله لمن أشرك كما يدل عليه كثير من الأخبار ، وقرأ عيسى { بَلِ الله } بالرفع { وَكُنْ مّنَ الشاكرين } انعامه تعالى عليك الذي يضيق عنه نطاق الحصر ، وفيه إشارة إلى موجب الاختصاص .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{بَلِ ٱللَّهَ فَٱعۡبُدۡ وَكُن مِّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (66)

ثم قال : { بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ } لما أخبر أن الجاهلين يأمرونه بالشرك ، وأخبر عن شناعته ، أمره بالإخلاص فقال : { بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ } أي : أخلص له العبادة وحده لا شريك له ، { وَكُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ } للّه على توفيق اللّه تعالى ، . فكما أنه تعالى يشكر على النعم الدنيوية ، كصحة الجسم وعافيته ، وحصول الرزق وغير ذلك ، . كذلك يشكر ويثنى عليه بالنعم الدينية ، كالتوفيق للإخلاص ، والتقوى ، بل نعم الدين ، هي النعم على الحقيقة ، وفي تدبر أنها من اللّه تعالى والشكر للّه عليها ، سلامة من آفة العجب التي تعرض لكثير من العاملين ، بسبب جهلهم ، وإلا ، فلو عرف العبد حقيقة الحال ، لم يعجب بنعمة تستحق عليه زيادة الشكر .

 
معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{بَلِ ٱللَّهَ فَٱعۡبُدۡ وَكُن مِّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (66)

قوله تعالى : { بل الله فاعبد وكن من الشاكرين } لإنعامه عليك .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{بَلِ ٱللَّهَ فَٱعۡبُدۡ وَكُن مِّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (66)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: لا تعبد ما أمرك به هؤلاء المشركون من قومك يا محمد بعبادته، "بل الله فاعبد "دون كلّ ما سواه من الآلهة والأوثان والأنداد، "وكُنْ مِنَ الشّاكِرِينَ" لله على نعمته عليك بما أنعم من الهداية لعبادته، والبراءة من عبادة الأصنام والأوثان.

الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :

{بَلِ الله فاعبد} رد لما أمروه به من استلام بعض آلهتهم، كأنه قال: لا تعبد ما أمروك بعبادته، بل إن كنت عاقلاً فاعبد الله، فحذف الشرط وجعل تقديم المفعول عوضاً منه.

مفاتيح الغيب للرازي 606 هـ :

اعلم أنه تعالى لما قدم هذه المقدمات ذكر ما هو المقصود فقال: {بل الله فاعبد وكن من الشاكرين}.

{بل الله فاعبد} يفيد الحصر.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

لما كان التقدير قطعاً: فلا تشرك، بنى عليه قوله: {بل الله} أي المتصف بجميع صفات الكمال وحده بسبب هذا النهي العظيم والتهديد الفظيع مهما وقعت منك عبادة ما.

{فاعبد} أي مخلصاً له العبادة، فحذف الشرط، عوض عنه بتقديم المفعول. ولما كانت عبادته لا يمكن أن تقع إلا شكراً لما له من عموم النعم سابقاً ولاحقاً، وشكر المنعم واجب، نبه على ذلك قوله: {وكن من الشاكرين} أي العريقين في هذا الوصف.

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

يختم هذا التحذير من الشرك بالأمر بالتوحيد. توحيد العبادة والشكر على الهدى واليقين، وعلى آلاء الله التي تغمر عباده، ويعجزون عن إحصائها، وهم فيها مغمورون: (بل الله فاعبد وكن من الشاكرين)..

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

و {بل} لإِبطال مضمون جملة لئِن أشركت أي بل لا تشرك، أو لإِبطال مضمون جملة {أفغير الله تأمروني أعبُدُ}. والفاء في قوله: {فاعبد} يظهر أنها تفريع على التحذير من حبط العملِ ومن الخسران فحصل باجتماع {بَل} والفاء، في صدر الجملة، أَنْ جمعت غرضين: غرض إبطال كلامهم، وغرضِ التحذير من أحوالهم، وهذا وجه رشيق. ومقتضى كلام سيبويه: أن الفاء مفرِّعة على فعل أمر محذوف يقدر بحسب المقام، وتقديره: تَنبَّه فاعْبُد الله (أي تنبه لمكرهم ولا تغترِرْ بما أمروك أن تعبد غير الله) فحذف فعل الأمر اختصاراً فلما حذف استنكر الابتداء بالفاء فقدموا مفعول الفعل الموالي لها، فكانت الفاء متوسطة كما هو شأنها في نسج الكلام وحصل مع ذلك التقديمِ حصرٌ...

والشكر هنا: العمل الصالح؛ لأنه عطف على إفراد الله تعالى بالعبادة؛ فقد تمحض معنى الشكر هنا للعمل الذي يُرضي الله تعالى...