محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{بَلِ ٱللَّهَ فَٱعۡبُدۡ وَكُن مِّنَ ٱلشَّـٰكِرِينَ} (66)

{ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ } أي هو وحده يملك أمرها وخزائن غيوبها وأبواب خيرها وبركتها { وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآيَاتِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ * قُلْ أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجَاهِلُونَ * وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ * بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ } أي خصّه بالعبادة { وَكُن مِّنْ الشَّاكِرِينَ } أي الصارفين ما أنعم به عليهم ، إلى ما خلق لأجله .

فإن قيل : كان الظاهر ( لو أشركت ) لأن ( أن ) تقتضي احتمال الوقوع . وهو هنا قطوع بعدمه . فالجواب : أن هذا الكلام وارد على سبيل الفرض . والمحلات يصح فرضها لأغراض . والمراد به تهييج الرسل وإقناط الكفرة والإيذان بغاية قبح الإشراك ، وكونه بحيث ينهى عنه من لا يكاد يمكن أن يباشره ، فكيف بمن عداه ؟ وإطلاق الإحباط هنا يستدل به من ذهب إلى أن الردة مبطلة للعمل مطلقا ، كالحنفية . وغيرهم يرى الإحباط مقيدا بالاستمرار عليه إلى الموت ، وأنه هو المحبط في الحقيقة . وأنه إنما ترك التقييد به اعتمادا على التصريح به في آية أخرى ، وهي قوله تعالى : {[6381]} { ومن يرتدد منكم عن دينه فيمت وهو كافر فأولئك حبطت أعمالهم } .


[6381]:[2 / البقرة / 217].