{ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السوء } هو ما يسىء صاحبه من كفر أو معصية ويدخل فيه الافتراء على الله تعالى ، وعن ابن عباس أنه الشرك ، والتعميم أولى { بِجَهَالَةٍ } أي بسببها ، على معنى أن الجهالة السبب الحامل لهم على العمل كالغيرة الجاهلية الحاملة على القتل وغير ذلك ، وفسرت الجهالة بالأمر الذي لا يليق ، وقال ابن عطية : هي هنا تعدى الطور وركوب الرأس لا ضد العلم ، ومنه ما جاء في الخبر «اللهم أعوذ بك من أن أجهل أو يجهل على » وقول الشاعر :
ألا لا يجهلن أحد علينا . . . فنجهل فوق جهل الجاهلينا
نعم كثيراً ما تصحب هذه الجهالة التي هي بمعنى ضد العلم ، وفسرها بعضهم بذلك وجعل الباء للملابسة والجار والمجرور في موضع الحال أي ملتبسين بجهالة غير عارفين بالله تعالى وبعقابه أو غير متدبرين في العواقب لغلبة الشهوة عليهم { ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ } أي من بعد ما عملوا ما عملوا ، والتصريح به مع دلالة { ثُمَّ } عليه للتوكيد والمبالغة { وَأَصْلَحُواْ } أي أصلحوا أعمالهم أو دخلوا في الصلاح ، وفسر بعضهم الإصلاح بالاستقامة على التوبة { إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا } أي التوبة كما قال غير واحد ، ولعل الإصلاح مندرج في التوبة وتكميل لها .
وقال أبو حيان : الضمير عائد على المصادر المفهومة من الأفعال السابقة أي من بعد عمل السوء والتوبة والإصلاح ، وقيل : يعود على الجهالة ، وقيل : على السوء على معنى المعصية وليس بذاك { لَغَفُورٌ } لذلك السوء { رَّحِيمٌ } يثيب على طاعته سبحانه فعلاً وتركاً ، وتكرير { إِنَّ رَبَّكَ } لتأكيد الوعد وإظهار كمال العناية بإنجازه ، والتعرض لوصف الربوبية من المغفرة والرحمة عليهم بتوسطه صلى الله عليه وسلم وكونهم من أتباعه كما مر عنق ريب ، والتقييد بالجهالة قيل : لبيان الواقع لأن كل من يعمل السوء لا يعمله إلا بجهالة .
وقال العسكري : ليس المعنى أنه تعالى يغفر لمن يعمل السوء بجهالة ولا يغفر لمن عمله بغير جهالة بل المراد أن جميع من تاب فهذه سبيله ، وإنما خص من يعمل السوء بجهالة لأن أكثر من يأتي الذنوب يأتيها بقلة فكر في عاقبة الأمر أو عند غلبة الشهوة أو في جهالة الشباب فذكر الأكثر على عادة العرب في مثل ذلك ، وعلى القولين لا مفهوم للقيد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.