فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ وَأَصۡلَحُوٓاْ إِنَّ رَبَّكَ مِنۢ بَعۡدِهَا لَغَفُورٞ رَّحِيمٌ} (119)

ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ وَأَصْلَحُواْ إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ ( 119 ) }

{ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ } ، أي : متلبسين بجهالة ، أي : جاهلين غير عارفين بالله وبعقابه ، أي : غير متدبرين للعاقبة لغلبة الشهوة عليهم ، وعن السلف : كل من عصى الله فهو جاهل ، ولا يصدر العمل السوء إلا من الجاهل بالعاقبة ؛ لأن العاقل لا يرضى بفعل القبيح ، وفيه بيان سعة مغفرته ورحمته ؛ لأن السوء لفظ جامع لكل فعل قبيح ، فيدخل تحته الكفر وسائر المعاصي ، وقد تقدم تفسير هذه الآية في سورة النساء .

{ ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ } ، أي : من بعد عملهم للسوء ، وفيه تأكيد ، فإن ( ثم ) قد دلت على البعدية فأكدها بزيادة ذكر البعدية ، { وَأَصْلَحُواْ } أعمالهم التي كان فيها فساد بالسوء الذي عملوه ؛ ثم كرر ذلك تأكيدا وتقريرا فقال : { إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا } ، أي : من بعد التوبة ، { لَغَفُورٌ } ، كثير الغفران ، { رَّحِيمٌ } ، أي : واسع الرحمة .