لباب التأويل في معاني التنزيل للخازن - الخازن  
{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ وَأَصۡلَحُوٓاْ إِنَّ رَبَّكَ مِنۢ بَعۡدِهَا لَغَفُورٞ رَّحِيمٌ} (119)

وقوله تعالى : { ثم إن ربك للذين عملوا السوء بجهالة } ، المقصود من هذه الآية بيان فضل الله وكرمه وسعة مغفرته ورحمته ؛ لأن السوء لفظ جامع لكل فعل قبيح ، فيدخل تحته الكفر وسائر المعاصي وكل ما لا ينبغي ، وكل من عمل السوء فإنما يفعله بجهالة ؛ لأن العاقل لا يرضى بفعل القبيح ، فمن صدر عنه فعل قبيح من كفر أو معصية ، فإنما يصدر عنه بسبب جهله إما لجهله بقدر ما يترتب عليه من العقاب أو لجهله بقدر من يعصيه ، فثبت بهذا أن فعل السوء إنما يفعل بجهالة ثم إن الله تعالى وعد من عمل سوءاً بجهالة ثم تاب ، وأصلح العمل في المستقبل أن يتوب عليه ويرحمه وهو قوله تعالى : { ثم تابوا من بعد ذلك } ، يعني : من بعد عمل ذلك السوء ، { وأصلحوا } ، يعني : أصلحوا العمل في المستقبل ، وقيل : معنى الإصلاح الاستقامة على التوبة ، { إن ربك من بعدها } ، يعني : من بعد عمل السوء بالجهالة والتوبة منه ، { لغفور } ، يعني : لمن تاب وآمن ، { رحيم } ، يعني : بجميع المؤمنين والتائبين .