إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ ٱلسُّوٓءَ بِجَهَٰلَةٖ ثُمَّ تَابُواْ مِنۢ بَعۡدِ ذَٰلِكَ وَأَصۡلَحُوٓاْ إِنَّ رَبَّكَ مِنۢ بَعۡدِهَا لَغَفُورٞ رَّحِيمٌ} (119)

{ ثُمَّ إِنَّ رَبَّكَ لِلَّذِينَ عَمِلُواْ السوء بجهالة } ، أي : بسبب جهالةٍ أو ملتبسين بها ليعُمَّ الجهلُ بالله وبعقابه ، وعدمِ التدبر في العواقب لغلبة الشهوة ، والسوءُ يعم الافتراءَ على الله تعالى وغيرَه ، { ثُمَّ تَابُواْ مِن بَعْدِ ذَلِكَ } ، أي : من بعد ما عملوا ما عملوا ، والتصريحُ به مع دَلالة " ثم " عليه للتأكيد والمبالغة ، { وَأَصْلَحُواْ } ، أي : أصلحوا أعمالَهم ، أو دخلوا في الصلاح . { إِنَّ رَبَّكَ مِن بَعْدِهَا } ، من بعد التوبة ، { لَغَفُورٌ } لذلك السوءِ ، { رَّحِيمٌ } يثيب على طاعته تركاً وفعلاً ، وتكريرُ قوله تعالى : { إِنَّ رَبَّكَ } ، لتأكيد الوعدِ وإظهارِ كمال العناية بإنجازه ، والتعرضُ لوصف الربوبية مع الإضافة إلى ضميره عليه السلام مع ظهور الأثرِ في التائبين للإيماء إلى أن إفاضةَ آثارِ الربوبية من المغفرة والرحمة عليهم بتوسطه عليه السلام وكونِهم من أتباعه ، كما أشير إليه فيما مر .