" إن كل من في السماوات والأرض " " إن " نافية بمعنى ما ، أي ما كل من في السموات والأرض إلا وهو يأتي يوم القيامة مقرا له بالعبودية خاضعا ذليلا ، كما قال " و كل أتوه داخرين " {[10978]} [ النمل : 87 ] أي صاغرين أذلاء أي : الخلق كلهم عبيده ، فكيف يكون واحد منهم ولدا له عز وجل ، تعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوا كبيرا و " آتي " بالياء في الخط ، والأصل التنوين فحذف استخفافا وأضيف .
الثانية-وفي هذه الآية دليل على أنه لا يجوز أن يكون الولد مملوكا للوالد خلافا لمن قال : إنه يشتريه فيملكه ، ولا يعتق عليه إلا إذا أعتقه ، وقد أبان الله تعالى المنافاة بين الأولاد والملك ، فإذا ملك الوالد ولده بنوع من التصرفات عتق عليه ، ووجه الدليل عليه من هذه الآية أن الله تعالى جعل الولدية والعبدية في طرفي تقابل ، فنفى أحدهما وأثبت الآخر ، ولو اجتمعا لما كان لهذا القول فائدة يقع الاحتجاج بها ، وفي الحديث الصحيح :لا يجزي ولد والدا إلا أن يجده مملوكا فيشتريه فيعتقه . أخرجه مسلم ، فإذا لم يملك الأب ابنه مع مرتبته عليه ، فالابن بعدم ملك الأب أولى لقصوره عنه .
الثالثة-ذهب إسحاق بن راهويه في تأويل قول عليه الصلاة والسلام ( من أعتق شركا له في عبد ) أن المراد به ذكور العبيد{[10979]} دون إناثهم ، فلا يكمل على من أعتق شركا في أنثى ، وهو على خلاف ما ذهب إليه الجمهور من السلف ومن بعدهم ، فإنهم لم يفرقوا بين الذكر والأنثى ؛ لأن لفظ العبد يراد به الجنس ، كما قال تعالى " إن كل من في السموات والأرض إلا آتي الرحمن عبدا " فإنه قد يتناول الذكر والأنثى من العبد قطعا ، وتمسك إسحاق بأنه حكى : عبدة في المؤنث .
الرابعة-روى البخاري عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يقول الله تبارك وتعالى : كذبني بن آدم ولم يكن له ذلك ، وشتمني ولم يكن له ذلك ، فأما تكذيبه إياي فقوله : ليس يعيدني كما بدأني ، وليس أول الخلق بأهون علي من إعادته ، وأما شتمه إياي فقوله : اتخذ الله ولدا وأنا الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن لي كفوا أحد ) وقد تقدم في " البقرة " {[10980]} وغيرها ، وإعادته في مثل هذا الموضع حسن جدا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.