محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَجَعَلۡنَا ٱلسَّمَآءَ سَقۡفٗا مَّحۡفُوظٗاۖ وَهُمۡ عَنۡ ءَايَٰتِهَا مُعۡرِضُونَ} (32)

وقوله تعالى :

{ وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا مَّحْفُوظًا وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ } .

{ وَجَعَلْنَا السَّمَاء سَقْفًا } أي على الأرض كالقبة عليها { مَّحْفُوظًا } أي عاليا محروسا أن ينال أو محفوظا من التغير بالمؤثرات ، مهما تطاول الزمان . كقوله تعالى : { وبنينا فوقكم سبعا شدادا } { وَهُمْ عَنْ آيَاتِهَا مُعْرِضُونَ } . أي عما وضع الله فيها من الأدلة والعبر ، بالشمس والقمر وسائر النيرات ، ومسايرها وطلوعها وغروبها ، على الحساب القويم ، والترتيب العجيب ، الدال على الحكمة البالغة والقدرة الباهرة . وأي جهل أعظم من جهل من أعرض عنها ولم يذهب به وهمه إلى تدبرها والاعتبار بها والاستدلال على عظمة شأن من أوجدها عن عدم ، ودبرها ونصبها هذه النصبة ، وأودعها ما أودعها مما لا يعرف كنهه إلا هو ، عزت قدرته ولطف علمه ؟ ؟

وقرئ { عن آيتها } على التوحيد ، اكتفاء بالواحدة في الدلالة على الجنس ، أي هم متفطنون لما يرد عليهم من السماء من المنافع الدنيوية كالاستضاءة بقمريها والاهتداء بكواكبها ، وحياة الأرض والحيوان بأمطارها . وهم عن كونها آية بينة على الخالق ، معرضون . أفاده الزمخشري .