البحر المحيط لأبي حيان الأندلسي - أبو حيان  
{وَجَعَلۡنَا ٱلسَّمَآءَ سَقۡفٗا مَّحۡفُوظٗاۖ وَهُمۡ عَنۡ ءَايَٰتِهَا مُعۡرِضُونَ} (32)

وما رفع وسمك على شيء فهو سقف .

قال قتادة : حفظ من البلى والتغير على طول الدهر .

وقيل : حفظ من السقوط لإمساكه من غير علاقة ولا عماد .

وقيل : حفظ من الشرك والمعاصي .

وقال الفراء : حفظ من الشياطين بالرجوم .

وعن ابن عباس : أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نظر إلى السماء فقال : « إن السماء سقف مرفوع وموج مكفوف يجري كما يجري السهم محفوظاً من الشياطين » وإذا صح هذا الحديث كان نصاً في معنى الآية .

{ وهم عن آياتها } أي عن ما وضع الله فيها من الأدلة والعبر بالشمس والقمر وسائر النيرات ومسايرها وطلوعها وغروبها على الحساب القويم والترتيب العجيب الدال على الحكمة البالغة والقدرة الباهرة .

وقرأ الجمهور { عن آياتها } بالجمع .

وقرأ مجاهد وحميد عن آيتها بالإفراد ، فيجوز أنه جعل الجعل أو السقف أو الخلق أي خلق السماء آية واحدة تحوي الآيات كلها ، ويجوز أنه أراد بها الجمع فجعلها اسم الجنس ، ودل على ذلك كثرة ما في السماء من الآيات .

والمعنى { وهم عن } الاعتبار بآياتها { معرضون } وقال الزمخشري : هم يتفطنون لما يرد عليهم من السماء من المنافع الدنياوية كالاستضاءة بقمريها والاهتداء بكواكبها وحياة الأرض والحيوان بأمطارها { وهم عن } كونها آية بينة على الخالق { معرضون } .