روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{بَلۡ تَأۡتِيهِم بَغۡتَةٗ فَتَبۡهَتُهُمۡ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمۡ يُنظَرُونَ} (40)

{ بَلْ تَأْتِيهِم بَغْتَةً } عطف على { لاَ يَكُفُّونَ } [ الأنبياء : 39 ] وزعم ابن عطية أنه استدراك مقدر قبله نفي والتقدير إن الآيات لا تأتي بحسب اقتراحهم بل تأتيهم بغتة ، وقيل : إنه استدراك عن قوله تعالى : { لَوْ يَعْلَمُ } [ الأنبياء : 39 ] الخ وهو منفي معنى كأنه قيل : لا يعلمون ذلك بل تأتيهم الخ ، وبينه وبين ما زعمه ابن عطية كما بين السماء والأرض . والمضمر في { تَأْتِيَهُمُ } عائد على { الوعد } [ الأنبياء : 38 ] لتأويله بالعدة أو الموعدة أو الحين لتأويله بالساعة أو على { النار } [ الأنبياء : 39 ] واستظهره في «البحر » ، و { بَغْتَةً } أي فجأة مصدر في موضع الحال أو مفعول مطلق لتأتيهم وهو مصدر من غير لفظه { فَتَبْهَتُهُمْ } تدهشهم وتحيرهم أو تغلبهم على أنه معنى كنائي .

وقرأ الأعمش { بَلْ تَأْتِيهِم } بياء الغيبة { بَغْتَةً } بفتح الغين وهو لغة فيها ، وقيل : إنه يجوز في كل ما عينه حرف حلق { فيبهتهم } بياء الغيبة أيضاً ، فالضمير المستتر في كل من الفعلين للوعد أو للحين على ما قال الزمخشري .

وقال أبو الفضل الرازي : يحتمل أن يكون للنار بجعلها بمعنى العذاب { فَتَبْهَتُهُمْ فَلاَ يَسْتَطِيعُونَ رَدَّهَا } الضمير المجرور عائد على ما عاد عليه ضمير المؤنث فيما قبله ، وقيل : على البغتة أي لا يستطيعون ردها عنهم بالكلية { وَلاَ هُمْ يُنظَرُونَ } أي يمهلون ليستريحوا طرفة عين ، وفيه تذكير بإمهالهم في الدنيا .