الدر المصون في علم الكتاب المكنون للسمين الحلبي - السمين الحلبي  
{بَلۡ تَأۡتِيهِم بَغۡتَةٗ فَتَبۡهَتُهُمۡ فَلَا يَسۡتَطِيعُونَ رَدَّهَا وَلَا هُمۡ يُنظَرُونَ} (40)

قوله : { بَغْتَةً } : في موضعِ نصبٍ على الحالِ أي مباغتةً . والضميرُ في " تَأْتيهم " يعودُ على النار . وقيل : يعودُ على الحين لأنه في معنى الساعة . وقيل : على الساعةِ التي يُصَيِّرهم فيها إلى العذابِ . وقيل : على الوعد ؛ لأنَّه في معنى النار التي وُعِدُوها ، قاله الزمخشري وفيه تكلُّفٌ .

وقرأ الأعمش : " بل يَأْتيهم " بياء الغَيْبة . " بَغَتة " بفتح الغين . " فيَبْهَتُهُمْ " بالياء أيضاً . فأمَّا الياءُ فَأعاد الضميرَ على الحين أو على الوعد . وقال بعضُهم : " هو عائدٌ على النار ، وإنما ذكَّر ضميرها لأنها في معنى العذاب ، ثم راعى لفظ النار فأنَّثَ في قوله : " رَدَّها " .

وقوله : { بَلْ تَأْتِيهِم } إضرابُ انتقالٍ . وقال ابن عطية : " بل " استدراكٌ مقدرٌ قبلَه نفيٌ ، تقديرُه : " إنَّ الآياتِ لا تأتي على حَسَب اقتراحهم " . وفيه نظرٌ ؛ لأنه يَصيرُ التقديرُ : لا تأْتيهم الآياتُ على حسبِ اقتراحِهم ، بل تأتيهم بغتةً ، فيكون الظاهرُ أن الآياتِ تأتي بغتةً ، وليس ذلك مُراداً قطعاً . وإنْ أراد أن يكونَ التقديرُ : بل تَأتيهم الساعةُ أو النارُ فليس مطابقاً لقاعدةِ الإِضراب .