{ خُلِقَ الإنسان مِنْ عَجَلٍ } هو طلب الشيء وتحريه قبل أوانه ، والمراد بالإنسان جنسه جعل لفرط استعجاله وقلة صبره كأنه مخلوق من نفس العجل تنزيلاً لما طبع عليه من الأخلاق منزلة ما طبع منه من الأركان إيذاناً بغاية لزومه له وعدم انفكاكه عنه ، وقال أبو عمرو . وأبو عبيدة . وقطرب : في ذلك قلب والتقدير خلق العجل من الإنسان على معنى أنه جعل من طبائعه وأخلاقه للزومه له ، وبقذلك قرأ عبد الله وهو قلب غير مقبول ، وقد شاع في كلامهم في مثل ذلك عند أرادة المبالغة فيقولون لمن لازم اللعب أنت من لعب ، ومنه قوله
: وإنا لمما يضرب الكبش ضربة *** على رأسه يلقى اللسان من الفم
وقيل بالمراد بالإنسان النضر بن الحرث لأن الآية نزلت فيه حين استعجل العذاب بقوله : { اللهم إِن كَانَ هذا هُوَ الحق مِنْ عِندِكَ فَأَمْطِرْ } [ الأنفال : 32 ] الخ ، وقال مجاهد : وسعيد بن جبير . وعكرمة . والسدي . والضحاك . ومقاتل . والكلبي : المراد به آدم عليه السلام أراد أن يقوم قبل أن يتم نفخ الروح فيه وتصل إلى رجليه ، وقيل خلقه الله تعالى في آخر النهار يوم الجمعة فلما أجرى الروح في عينيه ولسانه ولم يبلغ أسفله قال : يا رب استعجل بخلقي قبل غروب الشمس وروى ذلك عن مجاهد ، وقيل : المراد أنه خلق بسرعة على غير ترتيب خلق بنيه حيث تدرج في خلقهم ، وذكر لبيان أن خلقه كذلك من دواعي عجلته في الأمور ، والأظهر إرادة الجنس وإن كان خلقه عليه السلام وما يقتضيه سارياً إلى أولاده وما تقدم في سبب النزول لا يأباه كما لا يخفى ، وقيل العجل الطين بلغة حمير ، وأنشد أبو عبيدة لبعضهم
: النبع في الصخرة الصماء منبته *** والنخل منبته في الماء والعجل
واعترض بأنه لا تقريب لهذا المعنى ههنا ، وقال الطيبي : يكون القصد عليه تحقير شأن جنس الإنسان تتميماً لمعنى التهديد في قوله تعالى : { سَأُوْرِيكُمْ ءاياتي فَلاَ تَسْتَعْجِلُونِ } والمعول عليه المعنى الأول ، والخطاب للكفرة المستعجلين ، والمراد بآياته تعالى نقماته عز وجل ، والمراد بإراءتهم إياها إصابته تعالى إياهم بها ، وتلك الإراءة في الآخرة على ما يشير إليه ما بعد ، وقيل فيها وفي الدنيا ، والنهي عن استعجالهم إياه تعالى بالإتيان بها مع أن نفوسهم جبلت على العجلة ليمنعوها عما تريده وليس هذا من التكليف بما لا يطاق لأن الله تعالى أعطاهم من الأسباب ما يستطيعون به كف النفس عن مقتضاها ويرجع هذا النهي إلى الأمر بالصبر . وقرأ مجاهد . وحميد وابن مقسم { خَلَقَ الإنسان } ببناء { خُلِقَ } للفاعل ونصب { الإنسان } .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.