روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَمَآ أَصَٰبَكُمۡ يَوۡمَ ٱلۡتَقَى ٱلۡجَمۡعَانِ فَبِإِذۡنِ ٱللَّهِ وَلِيَعۡلَمَ ٱلۡمُؤۡمِنِينَ} (166)

{ وَمَا أصابكم } أيها المؤمنون من النكبة بقتل من قتل منكم { يَوْمَ التقى الجمعان } أي جمعكم وجمع أعدائكم المشركين ، والمراد بذلك اليوم ، يوم أحد ، وقول بعضهم لا يبعد أن يراد به يوم أحد ويوم بدر بعيد جداً { فَبِإِذْنِ الله } أي بإرادته ، وقيل : بتخليته ؛ وما اسم موصول بمعنى الذي في محل رفع بالابتداء ، وجملة أصابكم صلته وبإذن الله خبره . والمراد بإذن الله يكون ويحصل ، ودخول الفاء لتضمن معنى الشرط ، ووجه السببية ليس بظاهر إذ الإصابة ليست سبباً للإرادة ولا للتخلية بل الأمر بالعكس فهو من قبيل { وَمَا بِكُم مّن نّعْمَةٍ فَمِنَ الله } [ النحل : 53 ] أي ذلك سبب للإخبار بكونه من الله لأن قيد الأوامر قد يكون للمطلوب وقد يكون للطالب وكذا الإخبار ، وإلى هذا ذهب كثير من المحققين ، وادعى السمين أن في الكلام إضماراً أي فهو بإذن الله ، ودخول الفاء لما تقدم ثم قال : وهذا مشكل على ما قرره الجمهور لأنه لا يجوز عندهم دخول هذه الفاء زائدة في الخبر إلا بشروط ، منها أن تكون الصلة مستقبلة في المعنى وذلك لأن الفاء إنما دخلت للشبه بالشرط ، والشرط إنما يكون في الاستقبال لا في الماضي ، فلو قلت : الذي أتاني أمس فله درهم لم يصح ، وأصابكم هنا ماض معنى كما أنه ماض لفظاً لأن القصة ماضية فكيف جاز دخول هذه الفاء ؟ وأجابوا عنه بأنه يحمل على التبين أي وما يتبين إصابته إياكم فهو بإذن الله كما تأولوا { إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن * دُبُرٍ } [ يوسف : 27 ] بذلك ، ثم قال : وإذا صح هذا التأويل فليجعل { مَا } هنا شرطاً صريحاً وتكون الفاء داخلة وجوباً لكونها واقعة جواباً للشرط انتهى ، ولا يخفى ما فيه { وَلِيَعْلَمَ المؤمنين } عطف على بإذن الله من عطف السبب على المسبب ، والمراد ليظهر للناس ويثبت لديهم إيمان المؤمن .