{ وما أصابكم يوم التقى الجمعان فبإذن الله } هو يوم أحد .
والجمعان ، جمع النبي صلى الله عليه وسلم وكفار قريش ، والخطاب للمؤمنين .
وما موصولة مبتدأ ، والخبر قوله : فبإذن الله ، وهو على إضمار أي : فهو بإذن الله .
قال الحوفي : لما في الكلام من معنى الشرط لطلبته للفعل .
وقال ابن عطية : ودخلت الفاء رابطة مسددة .
وذلك للإبهام الذي في ما فأشبه الكلام الشرط ، وهذا كما قال سيبويه : الذي قام فله درهمان ، فيحسن دخول الفاء إذا كان القيام سبب الإعطاء انتهى كلامه .
وهو أحسن من كلام الحوفي ، لأن الحوفي زعم أن في الكلام معنى الشرط .
وقال ابن عطية : فأشبه الكلام الشرط .
ودخول الفاء على ما قاله الجمهور وقرروه قلق هنا ، وذلك أنهم قرّروا في جواز دخول الفاء على خبر الموصول أنّ الصلة تكون مستقلة ، فلا يجيزون الذي قام أمس فله درهم ، لأن هذه الفاء إنما دخلت في خبر الموصول لشبهه بالشرط .
فكما أن فعل الشرط لا يكون ماضياً من حيث المعنى ، فكذلك الصلة .
والذي أصابهم يوم التقى الجمعان هو ماض حقيقة ، فهو إخبار عن ماض من حيث المعنى .
فعلى ما قرّروه يشكل دخول الفاء هنا .
والذي نذهب إليه : أنه يجوز دخول الفاء في الخبر واصلة ماضية من جهة المعنى لورود هذه الآية ، ولقوله تعالى : { وما أفاء الله على رسوله منهم فما أوجفتم عليه من خيل ولا ركاب } ومعلوم أن هذا ماض معنى مقطوع بوقوعه صلة وخبر ، أو يكون ذلك على تأويل : وما يتبين إصابته إياكم .
كما تأولوا : { إنْ كان قميصه قدّ } أي إن تبين كون قميصه قدّ .
وإذا تقرّر هذا فينبغي أن يحمل عليه قوله تعالى : { ما أصابك من حسنة فمن الله وما أصابك من سيئة فمن نفسك } { وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم } فإن ظاهر هذه كلها أخبار عن الأمور الماضية .
ويكون المعنى على التبين المستقبل .
وعبر عنه به لأنه من مقتضايه قاله : الزَّجاج .
أو بتمكين الله وتخليته بين الجمعين قاله : القفال .
أو بمرأى ومسمع ، أو بقضائه وقدره .
وقال الزمخشري : فهو كائن بإذن الله ، استعار الإذن لتخلية الكفار ، وأنه لم يمنعهم منهم ليبتلهم ، لأن الآذن مخل بين المأذون له ومراده . انتهى .
وفيه دسيسة الاعتزال ، لأنَّ قتل الكفار للمؤمنين قبيح عنده ، فلا إذن فيه .
وقال ابن عطية : يحسن دخول الفاء إذا كان سبب الإعطاء ، وكذلك ترتيب هذه الآية .
فالمعنى : إنما هو وما أذن الله فيه فهو الذي أصاب ، لكنْ قدّم الأهم في نفوسهم والأقرب إلى حسهم .
والإذن : التمكين من الشيء مع العلم به انتهى كلامه .
لما كان من حيث المعنى أن الإصابة مترتبة على تمكين الله ، من ذلك حملُ الآية على ذلك ، وادّعى تقديماً وتأخيراً ، ولا تحتاج الآية إلى ذلك ، لأنه ليس شرطاً وجزاء فيحتاج فيه إلى ذلك ، بل هذا من باب الإخبار عن شيء ماض ، والإخبار صحيح .
أخبر تعالى أنّ الذي أصابهم يوم أحد كان لا محالة بإذن الله ، فهذا إخبار صحيح ، ومعنى صحيح ، فلا نتكلف تقديماً ولا تأخيراً ، ونجعله من باب الشرط والجزاء .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.