روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{وَقَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ ءَامِنُواْ بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجۡهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكۡفُرُوٓاْ ءَاخِرَهُۥ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (72)

{ وَدَّت طَّائِفَةٌ } أي جماعة وسميت بها ؛ لأنه يسوى بها حلقة يطاف حولها { مّنْ أَهْلِ الكتاب } أي اليهود لبعضهم { ءامَنُواْ } أي أظهروا الإيمان { بالذي أُنزِلَ عَلَى الذين ءامَنُواْ } وهم أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقيل : النبي عليه الصلاة والسلام وأصحابه { وَجْهَ النهار } أي أوله كما في قول الربيع بن زياد :

من كان مسروراً بمقتل مالك *** فليأت نسوتنا ( بوجه نهار )

وسمي وجهاً لأنه أول ما يواجهك منه ، وقيل : لأنه كالوجه في أنه أعلاه وأشرف ما فيه ؛ وذكر الثعالبي أنه في ذلك استعارة معروفة { واكفروا ءاخِرَهُ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } بسبب هذا الفعل عن اعتقادهم حقية ما أنزل عليهم قال الحسن والسدي تواطأ اثنا عشر رجلاً من أحبار يهود خبير ، وقرى عرينة ، وقال بعضهم لبعض : ادخلوا في دين محمد أول النهار باللسان دون الاعتقاد واكفروا آخر النهار وقولوا إنا نظرنا في كتبنا وشاورنا علماءنا فوجدنا محمداً ليس بذاك وظهر لنا كذبه وبطلان دينه فإذا فعلتم ذلك شك/ أصحابه في دينهم فقالوا : إنهم أهل الكتاب وهم أعلم به فيرجعون عن دينهم إلى دينكم ، وقال مجاهد ومقاتل والكلبي : كان هذا في شأن القبلة لما حولت إلى الكعبة شق ذلك على اليهود فقال كعب بن الأشرف لأصحابه آمنوا بالذي أنزل على محمد من أمر الكعبة وصلوا إليها أول النهار وارجعوا إلى قبلتكم آخره لعلهم يشكون ، والتعبير بما أنزل بناءاً على ما يقوله المؤمنون وإلا فهم يكذبون ولا يصدقون أن الله تعالى أنزل شيئاً على المؤمنين ، وظاهر الآية يدل على وقوع أمر بعضهم لبعض أن يقولوا ذلك ، وأما امتثال الأمر من المأمور فمسكوت عن بيان وقوعه وعدمه ، وعن بعضهم أن في الأخبار ما يدل على وقوعه