بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{وَقَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ ءَامِنُواْ بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجۡهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكۡفُرُوٓاْ ءَاخِرَهُۥ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (72)

{ وَقَالَتْ طائِفَةٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ آمِنُوا بالَّذِي أُنْزِلَ على الَّذِينَ آمَنُوا وَجْهَ النَّهارِ } قال الكلبي : وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما قَدِمَ المدينة ، صلى نحو بيت المقدس سبعة عشر شهراً ، أو ثمانية عشر شهراً ، فلما صرف الله نبيّه إلى الكعبة عند صلاة الظهر ، وقد كان صلى صلاة الصبح إلى بيت المقدس ، وصلّى صلاة الظهر والعصر إلى الكعبة . فقال رؤساء اليهود منهم : كعب بن الأشرف ، ومالك بن الضيف ، وغيرهما للسفلة منهم ، { آمنوا بالذي أنزل على الذين آمنوا وجه النهار } ، صدقوه بالقبلة التي صلّى صلاة الصبح في أول النهار وآمنوا به ، وإنه الحق ،

{ واكفروا آخِرَهُ } يعني اكفروا بالقبلة التي صلى إليها آخر النهار { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } إلى قبلتكم ودينكم . وقال مقاتل : معناه أنهم جاؤوا إلى محمد صلى الله عليه وسلم أول النهار ، ورجعوا من عنده ، وقالوا للسفلة : هو حق فاتبعوه ، ثم قالوا : حتى ننظر في التوراة ، ثم رجعوا في آخر النهار . فقالوا : قد نظرنا في التوراة ، فليس هو إياه ، يعنون أنه ليس بحق ، وإنما أرادوا أن يلبسوا على السفلة ، وأن يشككوا فيه فذلك قوله : { وَقَالَت طَّائِفَةٌ مّنْ أَهْلِ الكتاب آمِنُواْ بالذي أُنزِلَ على الذين آمنوا وجه النهار } يعني قالوا : لهم في أول النهار آمنوا به { واكفروا آخِرَهُ } يعني قالوا : في آخر النهار ، واكفروا به { لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ } أي يشكون فيه فيرجعون .