الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري - الزمخشري  
{وَقَالَت طَّآئِفَةٞ مِّنۡ أَهۡلِ ٱلۡكِتَٰبِ ءَامِنُواْ بِٱلَّذِيٓ أُنزِلَ عَلَى ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ وَجۡهَ ٱلنَّهَارِ وَٱكۡفُرُوٓاْ ءَاخِرَهُۥ لَعَلَّهُمۡ يَرۡجِعُونَ} (72)

{ وَجْهَ النهار } أوّله . قال :

مَنْ كَانَ مَسْرُوراً بِمَقْتَلِ مَالِكٍ*** فَلْيَأْتِ نِسْوتَنَا بِوَجْهِ نَهَارِ

والمعنى : أظهروا الإيمان بما أنزل على المسلمين في أوّل النهار { واكفروا } به في آخره لعلهم يشكون في دينهم ويقولون : ما رجعوا وهم أهل كتاب وعلم إلا لأمر قد تبين لهم فيرجعون برجوعكم . وقيل : تواطأ اثنا عشر من أحبار يهود خيبر ، وقال بعضهم لبعض : ادخلوا في دين محمد أوّل النهار من غير اعتقاد ، واكفروا به آخر النهار وقولوا : إنا نظرنا في كتبنا وشاورنا علماءنا فوجدنا محمداً ليس بذلك المنعوت وظهر لنا كذبه وبطلان دينه فإذا فعلتم ذلك شكّ أصحابه في دينهم . وقيل : هذا في شأن القبلة لما صرفت إلى الكعبة قال كعب بن الأشرف لأصحابه : آمنوا بما أنزل عليهم من الصلاة إلى الكعبة وصلوا إليها في أوّل النهار ، ثم اكفروا به في آخره وصلوا إلى الصخرة ، ولعلهم يقولون : هم أعلم منا وقد رجعوا فيرجعون .