{ مِن طَلْعِهَا } أي حملها ، وأصله طلع النخل وهو أول ما يبدو وقبل أن تخرج شماريخه أبيض غض مستطيل كاللوز سمي به حمل هذه الشجرة إما لأنه يشابهه في الشكل أو الطلوع ولعله الأولى لمكان التشبيه بعد فيكون استعارة تصريحية أو لاستعماله بمعنى ما يطلع مطلقاً فيكون كالمرسل للأنف فهو مجاز مرسل .
{ كَأَنَّهُ * هَمَزَاتِ الشياطين } أي في تناهي الكراهة وقبح المنظر والعرب تشبه القبيح الصورة بالشيطان فيقولون كأنه وجه شيطان أو رأس شيطان وإن لم يروه لما أنه مستقبح جداً في طباعهم لاعتقادهم أنه شر محض لا يخلطه خير فيرتسم في خيالهم بأقبح صورة ، ومن ذلك قول امرئ القيس :
أتقتلني والمشرفي مضاجعي *** ومسنونة زرق كأنياب أغوال
فشبه بأنياب الأغوال وهي نوع من الشياطين ولم يرها لما ارتسم في خياله ، وعلى عكس هذا تشبيههم الصورة الحسنة بالملك وذلك أنهم اعتقدوا فيه أنه خير محض لا شرفيه فارتسم في خيالهم بأحسن صورة ، وعليه قوله تعالى : { مَا هذا بَشَرًا إِنْ هذا إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ } [ يوسف : 31 ] وبهذا يرد على بعض الملاحدة حيث طعن في هذا التشبيه بأنه تشبيه بما لا يعرف ، وحاصله أنه لا يشترط أن يكون معروفاً في الخارج بل يكفي كونه مركوزاً في الذهن والخيال .
وحمل التشبيه في الآية على ما ذكر هو المروي عن ابن عباس . ومحمد بن كعب القرظي . وغيرهما ، وزعم الجبائي أن الشياطين حين يدخلون النار تشوه صورهم جداً وتستبشع أعضاؤهم فالمراد كأنه رؤوس الشياطين الذين في النار ، وفيه أن التشبيه عليه أيضاً غير معروف في الخارج عند النزول ، وقيل : رؤوس الشياطين شجرة معروفة تكون بناحية اليمن منكرة الصورة يقال لها الاستن وإياها عنى النابغة بقوله :
تحيد عن استن سود أسافله *** مثل الإماء الغوادي تحمل الحزما
قال الأصمعي : ويقال لها الصوم وأنشد
موكل بشدوف الصوم يرقبه *** من المغارب مهضوم الحشا زرم
وقيل : الشياطين جنس من الحيات ذوات أعراف ، وأنشد الفراء :
عجيز تحلف حين أحلف *** كمثل شيطان الحماط أعرف
وفي البقل إن لم يدفع الله شره *** شياطين يعدو بعضهن على بعض .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.