الصفة الثانية قوله : «طَلْعُها » أي ثمرها سمي طَلْعاً لطُلُوعه{[47113]} . قال الزمخشري : الطَّلْعُ للنخلة فاستعير لما طلع من شجرة الزقوم من حملها إما استعارة لفظية أو معنوية{[47114]} ، قال ابن قتيبة : سمي طلْعاً لطُلُوعِهِ كُلَّ سنة{[47115]} فلذلك قيل : طلع النخل لأول ما يخرج من ثمره .
قوله : { رُءُوسُ الشياطين } فيه وجهان :
أحدهما : أنه حقيقة ، وأن رؤوس الشياطين شجرةٌ معينة{[47116]} بناحية اليمن تسمى الأستن قال النابغة :
4213- تَحِيدُ عَنْ أسْتن سُودٍ أَسَافِلُهَا . . . مِثْل الإمَاءِ الغَوَادِي تَحْمِلُ الحُزَمَا{[47117]}
وهو شجر منكر الصورة سَمَّتْهُ العرب بذلك تشبيهاً برُؤوس الشياطين في القبح ثم صار أصلاً يشبه به . وقيل : الشياطين صنف من الحيات ولهن أعراف قال :
4214- عُجَيْزٌ تَحْلِفُ حِينَ أَحْلِفُ . . . كَمِثْلِ شَيْطَانِ الْحَمَاطِ أَعْرَفُ{[47118]}
وقيل : شجر يقال له : الصوم ومنه قول ساعدة بْن جُؤَيَّةَ :
4215- مُوَكّلٌ بشُدُوفِ الصَّوْمِ يرْقُبُهَا . . . مِنَ الْمَعَازِبِ مَخْطُوفُ الحَشَا زَرِمُ{[47119]}
فعلى هذا قد خوطبت العرب بما تعرفه ، وهذه الشجرة موجودة فالكلام حقيقة ، والثاني أنه من باب التخيل والتمثيل وذلك أنه كل ما يستنكر ويستقبح في الطباع والصورة يشبه بما يتخيله الوهم وإن لم يره والشياطين وإن كانوا موجودين غَيْرَ مَرئيِّين للعرب إلا أنه خاطبهم بما أَلِفُوهُ من الاستعارات التخييليه{[47120]} كقول امرئ القيس : [ البسيط ]
4216- أَيَقْتُلُنِي وَالْمَشْرِفيُّ مُضَاجِعِي . . . ومَسْنُونَةٌ زرْقٌ كَأَنْيَابِ أَغْوَالِ{[47121]}
ولم ير أنيابها ؛ بل ليست موجودة ألبتة ، قال ابن الخطيب : وهذا هو الصحيح ؛ وذلك أن الناس لما اعتقدوا في الملائكة كمال الفضل في الصورة والسيرة واعتقدوا في الشياطين نهاية القبح في الصورة والسيرة فكما حسن التشبيه بالملك عند إرادة الكمال والفضيلة في قول النساء : { إِنْ هذآ إِلاَّ مَلَكٌ كَرِيمٌ } [ يوسف : 31 ] فكذلك حَسُنَ التشبيه برؤوس الشياطين بالقبح وتشويه الخلقة ، ويؤكد هذا أن العقلاء إذَا رأوا شيئاً ( شديد{[47122]} الاضطراب منكر الصورة قبيح الخلقة قالوا : إنه شيطان وإذا رأوا شيئاً ) حَسَناً قالوا : إنه ملكٌ من الملائكة{[47123]} . قال ابن عباس : هم الشياطين بأعيانهم شبهه بها لقُبْحِهِ .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.