فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{طَلۡعُهَا كَأَنَّهُۥ رُءُوسُ ٱلشَّيَٰطِينِ} (65)

ثم قال الله تعالى : { طَلْعُهَا } الطلع حقيقة اسم لثمر النخل أول بروزه ، فإطلاقه على ثمر هذه الشجرة مجاز بالاستعارة ، والمعنى ثمرها وما تحمله { كَأَنَّهُ } في تناهي قبحه وهوله وشناعة منظره { رُؤُوسُ الشَّيَاطِينِ } فشبه المحسوس بالمتخيل ؛ وإن كان غير مرئي للدلالة على أنه غاية في القبح كما يقولون في تشبيه من يستقبحونه كأنه شيطان ، وفي تشبيه من يستحسنونه كأنه ملك كما في قوله تعالى : { ما هذا بشرا إن هذا إلا ملك كريم } .

قال الزجاج والفراء : الشياطين حيات هائلة لها رؤوس وأطراف ، وهي من أقبح الحيات وأخبثها وأخفها جسما ، وقيل : إن رؤوس الشياطين اسم لنبت قبيح معروف باليمن يقال له الأستن ، ويقال له الشيطان ، قال النحاس : وليس ذلك معروفا عند العرب ، وقيل : هو شجر خشن منتن مر منكر الصورة يسمى ثمره رؤوس الشياطين ، وقيل : هو شجر يقال له الصرم فعلى هذا قد خوط العرب بما تعرفه وهذه الشجرة موجودة ، فالكلام حقيقة وقيل : إنه خاطبهم بما ألفوه من الاستعارات .