الصفة الثانية قوله تعالى : { طلعها } أي : ثمرها قال الزمخشري : الطلع للنخلة فاستعير لما طلع من شجرة الزقوم من حملها إما استعارة لفظية أو معنوية قال ابن قتيبة : سمي طلعاً لطلوعه كل سنة فكذلك قيل : طلع النخل لأول ما يخرج من ثمره ثم وصف ذلك الطلع بقوله تعالى : { كأنه رؤوس الشياطين } وفيه وجهان : أحدهما : أنه حقيقة وأن رؤوس الشياطين شجرة معينة بناحية اليمن وتسمى : الأستن قال النابغة :
تحيد عن أستن سود أسافله *** مثل الإماء الغوادي تحمل الحزما
وهو شجر منكر الصورة مر ، تسميه العرب بذلك تشبيهاً برؤوس الشياطين في القبح ثم صار أصلاً يشبه به ، وقيل : الشياطين صنف من الحيات لهن أعراف قال الراجز :
عنجرد تحلف حين أحلف *** كمثل شيطان الحماط أعرف
وقيل : شجرة يقال لها : الصوم ومنه قول ساعدة بن جؤية :
موكل بسروف الصوم يرقبها *** من المعارف محفوظ الحشا ورم
فعلى هذا خوطب العرب بما تعرفه وهذه الشجرة موجودة فالكلام حقيقة .
والثاني : أنه من باب النخيل والتمثيل ، وذلك أن كل ما يستنكر ويستقبح في الطباع والصورة يشبه بما يتخيله الوهم وإن لم يكن يراه ، والشياطين وإن كانوا موجودين غير مرئيين للعرب إلا أنه خاطبهم بما ألفوه من الاستعارات التخيلية وذلك كقول امرئ القيس :
أيقتلني والمشرفي مضاجعي *** ومسنونة زرق كأنياب أغوال
ولم ير أنيابها بل ليست موجودة البتة .
قال الرازي : وهذا هو الصحيح وذلك أن الناس لما اعتقدوا في الملائكة عليهم السلام كمال الفضل في الصورة والسيرة فكما حسن تشبيه يوسف عليه السلام بالملك عند إرادة الكمال والفضيلة في قول النسوة { إن هذا إلا ملك كريم } ( يوسف : 31 ) فكذلك حسن التشبيه برؤوس الشياطين في القبح وتشويه الخلقة . ويؤكد هذا أن العقلاء إذا رأوا شيئاً شديد الاضطراب منكر الصورة قبيح الخلقة قالوا : إنه شيطان وإذا رأوا شيئاً حسناً قالوا : إنه ملك من الملائكة ، وقال ابن عباس رضي الله عنهما : هم الشياطين بأعيانهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.