الآيات 63 و64 و65 فبيّن الله عز وجل تلك الشجرة [ وأخبر ]{[17758]} عن حالها ، فقال : { إنا جعلناها فتنة للظالمين } { إنها شجرة تخرج في أصل جهنم } { طلعها كأنه رءوس الشياطين } أخبر أن تلك الشجرة من أصل الجحيم ، وأُنشئت ، والشجرة التي أنشئت من النار ، لا تأكلها النار ، ولا تحرقها ، كما تأكل غيرها من الأشجار التي لم تنشأ منها .
ومثل هذا جائز أن يكون الشيء الذي يكون منشؤُه وبدؤُه من{[17759]} شيء ، لا يهلكه كونه في ذلك [ الشيء ، كالسمك ]{[17760]} الذي يكون أصل نشوئه في الماء ، وكذلك جميع دواب البحر ، وإن كان غيرها من الدواب في البرّية تهلك فيها ، وتتلف .
فعلى ذلك الشجرة المنشأة [ في النار ، لا تهلكها ]{[17761]} النار ، ولا تحرقها ، وإن كان غيرها من الأشجار تأكلها ، وتحرقها ، والله أعلم .
والجحيم : قيل : هو معظم النار وغِلظها ، يقال : جحمت النار ، أي أعظمتها ، يقال : نار جحيمة أي عظيمة .
وقوله تعالى : { طلعها كأنه رؤوس الشياطين } اختلف فيه :
قال بعضهم : إن نوعا من الحيات يسمَّين شياطين ، لها رؤوس سود ، قِباح ، له عُرف كعرف الفرس . وطلع تلك الشجرة ، وثمرتها لقبحها وسوادها كرؤوسي{[17762]} تلك الحيات ، والله أعلم .
وقال بعضهم : هو نوع من /453-أ/ النبات في البادية يستقبحه الناس أشد الاستقباح ، شبّه طلع تلك الشجرة وثمرتها بذلك النبات .
وقال بعضهم : إن جبالا بمكة سود قباح ، يستقبحها أهل مكة ، سمّوها شياطين ، شبّه ثمار تلك الشجرة وطلعها برؤوس تلك الجبال ، والله أعلم .
وقال بعضهم : لا ، ولكن حقيقة [ رؤوس ]{[17763]} الشياطين ، لأن الله عز وجل جعل الشياطين في قلوب أولئك الكفرة فضل بُغض وقبح ونفار منها ، وإن يروها ، ولم يعاينوها ، فشبّه طلع تلك الشجرة برؤوس الشياطين لفضل إنكارهم وبغضهم إياها حقيقة .
وفي ذلك آية عظيمة لرسالته صلى الله عليه وسلم لأنهم لم يروا الشياطين ببصرهم ، ولا عرفوهم معاينة ، وإنما عرفوهم بأخبار الرسل عليهم السلام مما استنكروها ، واستقبحوها ، وهم لا يؤمنون بالرسل عليهم السلام فإذا قبلوا أخبار رسل الله فيهم لزمهم أن يقبلوا قوله في الرسالة وفي جميع ما أخبر ، والله أعلم .
وقوله تعالى : { { إنا جعلناها فتنة للظالمين } يحتمل قوله { فتنة } يعني به الشجرة التي أنشئت من أصل الجحيم ، وهي شجرة الزقوم عذابا للظالمين كقوله : { يوم هم على النار يُفتنون } أي يعذّبون { ذوقوا فتنتكم } أي عذابكم { هذا الذي كنتم به تستعجلون } [ الذاريات : 13 و14 ] .
ويحتمل قوله : { جعلناها } أي تلك الشجرة الزقوم { فتنة للظالمين } في الدنيا [ وجهين :
أحدهما : الفتنة ]{[17764]} بها لهم هي إنكارهم إياها من الجهة التي ذكروا أن النار تحرق ، وتأكل الشجر ، فكيف يكون فيها شجر ؟ إنكارا وتكذيبا بها .
والثاني : ما ذكر بعضهم : أن الزّقوم ، هو الزُّبد والتمر ، صار ذلك فتنة لما ذكرنا وسببا لعذابهم ، والله أعلم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.