روح المعاني في تفسير القرآن والسبع المثاني للآلوسي - الآلوسي  
{هَـٰٓأَنتُمۡ هَـٰٓؤُلَآءِ جَٰدَلۡتُمۡ عَنۡهُمۡ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَا فَمَن يُجَٰدِلُ ٱللَّهَ عَنۡهُمۡ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ أَم مَّن يَكُونُ عَلَيۡهِمۡ وَكِيلٗا} (109)

{ هَأَنْتُمْ هَؤُلاء } خطاب للذابين مؤذن بأن تعديد جناياتهم يوجب مشافهتهم بالتوبيخ والتقريع ، والجملة مبتدأ وخبر ، وقوله سبحانه : { جادلتم عَنْهُمْ * فِي الحياة الدنيا } جملة مبينة لوقوع أولاء خبراً فهو بمعنى المجادلين وبه تتم الفائدة ، ويجوز أن يكون أولاء إسماً موصولاً كما هو مذهب بعض النحاة في كل اسم إشارة ، و { جادلتم } صلته ، فالحمل حينئذ ظاهر ، والمجادلة أشد المخاصمة وأصلها من الجدل وهو شدة الفتل ، ومنه قيل للصقر : أجدل والمعنى هبوا أنكم بذلتم الجهد في المخاصمة عمن أشارت إليه الأخبار في الدنيا .

/ { فَمَن يجادل الله عَنْهُمْ يَوْمَ * القيمة } أي فمن يخاصمه سبحانه عنهم يوم لا يكتمون حديثاً ولا يغني عنهم من عذاب الله تعالى شيء { أَمْ مَّن يَكُونُ عَلَيْهِمْ } يومئذ { وَكِيلاً } أي حافظاً ومحامياً من بأس الله تعالى وعقابه ، وأصل معنى الوكيل الشخص الذي توكل الأمور له وتسند إليه ، وتفسيره بالحافظ المحامي مجاز من باب استعمال الشيء في لازم معناه ، و { أَمْ } هذه منقطعة كما قال السمين ، وقيل : عاطفة كما نقله في «الدر المصون » ، والاستفهام كما قال الكرخي : في الموضعين للنفي أي لا أحد يجادل عنهم ولا أحد يكون عليهم وكيلاً .