{ والله يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } جعله بعضهم تكراراً لما تقدم للتأكيد والمبالغة وهو ظاهر إذا كان المراد من التوبة هناك وهنا شيئاً واحداً ، وأما إذا فسر { يَتُوبُ } أولاً : بقبول التوبة والإرشاد مثلاً ، وثانياً : بأن يفعلوا ما يستوجبون به القبول فلا يكون تكراراً ، وأيضاً إنما يتمشى ذلك على كون { لِيُبَيّنَ لَكُمْ } [ النساء : 26 ] مفعولاً وإلا فلا تكرار أيضاً لأن تعلق الإرادة بالتوبة في الأول : على جهة العلية ، وفي الثاني : على جهة المفعولية وبذلك يحصل الاختلاف لا محالة { وَيُرِيدُ الذين يَتَّبِعُونَ الشهوات } يعني الفسقة لأنهم يدورون مع شهوات أنفسهم من غير تحاش عنها فكأنهم بأنهماكهم فيها أمرتهم الشهوات باتباعها فامتثلوا أمرها واتبعوها فهو استعارة تمثيلية ، وأما المتعاطي لما سوغه الشرع منها دون غيره فهو متبع له لا لها . وروي هذا عن ابن زيد ، وأخرج مجاهد عن ابن عباس أنهم الزناة ، وأخرج ابن جرير عن السدي أنهم اليهود والنصارى ، وقيل : إنهم اليهود خاصة حيث زعموا أن الأخت من الأب حلال في التوراة ، وقيل : إنهم المجوس حيث كانوا يحلون الأخوات لأب لأنهم لم يجمعهم رحم ، وبنات الأخ والأخت قياساً على بنات العمة والخالة بجامع أن أمهما لا تحل ، فكانوا يريدون أن يضلوا المؤمنين بما ذكر ، ويقولون : لم جوزتم تلك ولم تجوزوا هذه ؟ا فنزلت ، وغوير بين الجملتين ليفرق بين إرادة الله تعالى وإرادة الزائغين { أَن تَمِيلُواْ } عن الحق بموافقتهم فتكونوا مثلهم ، وعن مجاهد أن تزنوا كما يزنون . وقرىء بالياء التحتانية فالضمير حينئذ للذين يتبعون الشهوات { مَيْلاً عَظِيماً } بالنسبة إلى ميل من اقترف خطيئة على ندرة ، واعترف بأنها خطيئة ولم يستحل .
( هذا ومن باب الإشارة ) :{ والله يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } تكرار لما تقدم إيذاناً بمزيد الاعتناء به لأنه غاية المراتب { وَيُرِيدُ الذين يَتَّبِعُونَ الشهوات } أي اللذائذ الفانية الحاجبة عن الوصول إلى الحضرة { أَن تَمِيلُواْ } إلى السوي { مَيْلاً عَظِيماً } [ النساء : 27 ] لتكونوا مثلهم .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.