فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيۡكُمۡ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيۡلًا عَظِيمٗا} (27)

{ والله يريد أن يتوب عليكم } هذا تأكيد لما قد فهم من قوله ويتوب عليكم المتقدم ، وقيل الأول معناه الإرشاد إلى الطاعات ، والثاني فعل أشباهها .

وقيل إن الثاني لبيان كمال منفعة إرادته سبحانه ، وكمال ضرر ما يريده الذين يتبعون الشهوات ، وليس المراد به مجرد إرادة التوبة حتى يكون من باب التكرير للتأكيد .

قيل هذه الإرادة منه سبحانه في جميع أحكام الشرع ، وقيل في نكاح الأمة فقط ، وقال ابن عباس : معناه يريد أن يخرجكم من كل ما يكره إلى ما يحب ويرضى ، وقيل معناه يدلكم على ما يكون سببا لتوبتكم التي يغفر لكم بها ما سلف من ذنوبكم ، وقيل معناه إن وقع منك تقصير في دينه فيتوب عليكم ويغفر لكم .

{ ويريد الذين يتبعون الشهوات } المراد بالشهوات هنا ما حرمه الشرع دون ما أحله ، اختلف في تعيين متبعي الشهوات فقيل هم الزناة وقيل اليهود والنصارى وقيل اليهود خاصة ، وقيل هم المجوس لأنهم أرادوا أن يتبعهم المسلمون في نكاح الأخوات من الأب وبنت الأخ ، والأول أولى .

{ وأن تميلوا } تعدلوا عن الحق وقصد السبيل بالمعصية فتكونوا مثلهم { ميلا عظيما } يعني بإتيانكم ما حرم الله عليكم ، والميل المعدول عن طريق الاستواء ، ووصف الميل بالعظيم بالنسبة إلى ميل من اقترف خطيئة نادرا .