فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱللَّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيۡكُمۡ وَيُرِيدُ ٱلَّذِينَ يَتَّبِعُونَ ٱلشَّهَوَٰتِ أَن تَمِيلُواْ مَيۡلًا عَظِيمٗا} (27)

{ والله يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ } هذا تأكيد لما قد فهم من قوله : { وَيَتُوبَ عَلَيْكُمْ } المتقدّم . وقيل : الأوّل معناه للإرشاد إلى الطاعات ، والثاني فعل أسبابها . وقيل : إن الثاني لبيان كمال منفعة إرادته سبحانه ، وكمال ضرر ما يريده الذين يتبعون الشهوات ، وليس المراد به : مجرد إرادة التوبة حتى يكون من باب التكرير للتأكيد . قيل : هذه الإرادة منه سبحانه في جميع أحكام الشرع . وقيل : في نكاح الأمة فقط .

واختلف في تعيين المتبعين للشهوات ، فقيل : هم الزناة ، وقيل : اليهود والنصارى . وقيل : اليهود خاصة . وقيل هم المجوس ؛ لأنهم أرادوا أن يتبعهم المسلمون في نكاح الأخوات من الأب . والأوّل أولى . والميل : العدول عن طريق الاستواء . والمراد بالشهوات هنا : ما حرّمه الشرع دون ما أحله . ووصف الميل بالعظم بالنسبة إلى ميل من اقترف خطيئة نادراً .

/خ28